الاثنين، 16 أغسطس 2010

حباب بنت ملا حسن كشيش

إلى خادمة الحسين (ع)
خطيبة النساء الملاية حبّاب بنت ملا حسن كشيش

لعلها أشهر خطيبة في البحرين عرفتها الأوساط النسائية ، مازالت ملامح هذه المرأة مرتسمة في ذاكرتي وأنا طفل بين الأربع أو الخمس سنوات تأخذني خالتي متمسكاً بعباءتها في مأتم حسن محمود في المنامة ، إمرأة تقرأ على المنبر معصبة الرأس دائماً نبراتها لم تغادر ذاكرتي بعد إنها ( أم سعيد ) ، وتعتبر من الرعيل الأول في مجال الخطابة النسائية ،هي من مواليد البحرين من قرية توبلي وقد انتقلت للعيش مع أسرتها خارج البحرين ، تلقت مبادئ القراءة عن والدها الخطيب المعروف ملا حسن آل كشيش ، وهي تنتمي لأحدى الأسر البحرانية التي خرجت من البحرين زمن ( عيسى بن علي ) واستوطنت الإمارات العربية المتحدة ، وتزوجت بزوجها الأول من عائلة النويس وهي أسرة بحرانية عريقة هاجرت لدولة الأمارات العربية أيضاً ومحل سكناها في (أبو ظبي) ومنها رجالات تبوأت مراكز كبيرة في دولة الإمارات العربية ، وبعد وفاة زوجها الأول وانتقالها للسكن في البحرين ، تزوجها أحد السادة الموسويين من قرية (بوقوة) وأنجبت منه ذرية كما لها ذرية من زوجها الأول ، إمتازت شخصيتها بعدة نواحي أهمها : (1) شخصية تمتلك مقومات وفن الخطابة سيما في استدرار الدمعة ، (2) شخصية قوية ومؤثرة ، (3) شاعرة وتمتلك أحاسيس مرهفة في مجال تصوير الحدث وغالب شعرها باللهجة الدارجة ، (4) تمتلك صوتاً قوياً وشجياً . فكل هذه المميزات جعلت من شخصيتها شخصية مميزة في مجال الخطابة النسائية لدرجة أنها صارت مضرب المثل في فن الخطابة عند النساء ، بل تعدت حدود الوطن في البحرين حتى عرفت على مستوى الخليج العربي في المجالس النسائية في دبي وأبو ظبي وبقية دول الخليج ، وهي من النساء القلائل اللائي يصعدن منبر الخطابة وتقرأ مجلساً حسينياً بالطريقة نفسها في مآتم الرجال ، ويعتبر مأتم حسن محمود في المنامة من أكثر المآتم التي تسنّمت ذروة أعوادها لمدة تقارب الأربعين عاماً وأكثر ، سكنت (رأس رمان) فترة وانتقلت لتعيش في قرية (الديه) توفيت في شهر رمضان المبارك العام 1429هـ ، عن عمرٍ يتخطى السبعين وربما أكثر، ودفنت في قرية (بوقوة) ، تركت مجموعة من التأليفات والدواوين والقصائد لا تحضرني الآن وقد رثيتها بهذه القصيدة في مجلس تأبيني لها أقامه ( مجلس الخطباء في البحرين) تكريماً لجهودها في مجال خدمة الإمام الحسين سلام الله عليه وهذه هي القصيدة :
أناعية الطفِ هيا انشدي * وفي كل ناحيةٍ رددي
سيبقى صداكِ يدوّي هنا * ليُسمِعَ يومي ويروي غدي
أراكِ تعودين في كربلا* مخلدةً في العطاء الندي
مسربلةً في بياضٍ كما * تسربلتِ في ثوبكِ الأسودِ
تعودين في كل عامٍ لنا * بعشر الحسين لكي تشهدي
معصبةَ الرأس في مأتمٍ * به الحورُ تبكي على السيدِ
وفاطمةٌ بينهم أعولت* بقلبٍ على شبلها مكمدِ
به شبّ حزنٌ على ميتٍ * بجنب الفرات ولم يُلحدِ
قضى لهفُ روحي له ظامئاً * وحرُ الصدى منهُ لم يبردِ
ألا فاْندبيه كما كنتِ في * مآتمهِ والرثاءَ اعقدي
إليكِ المنامةُ مشتاقةٌ * تحنّ إلى صوتكِ الأوحدي
ومن يكُ مقترناً بالحسين * ينلْ شربةً من هدى الموردِ
فطوبى لكِ اليوم صرتِ إلى * جوار البتول بها فاْسعدي
كما كنتِ أنت تواسينها * تواسيكِ في القبر والمرقدِ
ويبقى الحسين وخدّامُهُ * ومثلكِ في الدهر لم يفقدِ
فطوبى لأنصارهِ إنهم * وَقوهُ بأرواحهم واليدِ
يذودون عن حبه كلما * تبدت سهامٌ إلى المقصدِ
فهذي القلوبُ له سلّمت * ولاذت إلى ذلك المشهدِ
وصلت عليه السماوات في * بكاءٍ تغشّى بني أحمد
وصلّى الرسول على جسمه * صلاةً تعود كما تبتدي
فياخالداً لم يزل ذكرهُ * أذاناً تبدى من المسجدِ
*****
وكتب بيده بشار العالي
في 28 شوال 1429هـ