الثلاثاء، 28 يونيو 2011

لماذا لا نبحث عن حقيقة هذه الآية في علي

كان عليٌ عليه السلام ، ولازال مقياساً وميزاناً وضعه الله لهداية الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله يقول تعالى :( ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قومٍ هاد ) 7: الرعد ، وفي تفسيرها فلنقرأ هذه الروايات المهمة ، (1) روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي( إنما أنت منذر * ولكل قوم هاد ) ، قال علي: رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المنذر ، وأنا الهادي । قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، (2) وفي مجمع الزوائد للهيثمي ج7 :40 ، حول بعض ما ورد في سورة الرعد ، عن علي رضي الله عنه في قوله ( إنما أنت منذر ولكل قومٍ هاد ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر والهادي رجلٌ من بني هاشم ، رواه عبدالله بن أحمد والطبراني في الصغير والأوسط ورجال المسند ثقات । أقول : وعقب ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بعد أن جاء بهذا الحديث فقال : قال الجنيد هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فتفسيرها بعلي موجود ضمن الكثير من الروايات ،(3) وفي الدر المنثور للسيوطي في تفسير سورة الرعد : اخرج ابن جرير وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة والديلمي وابن عساكر وابن النجار قالوا : لما نزلت ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) وضع رسول الله صلى الله عليه واله يده على صدره فقال : أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب علي فقال : أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي _ انتهى _ أقول : فإلى متى يبتعد الناس عن الهداية التي نطق بها القرآن وصريح الحديث ، أما مصادر الشيعة فقد أكدت أن مصداق هذه الآية هو علي بن أبي طالب فهو الهادي بعد النبي المصطفى بما لايترك مجالاً للشك في الأمر ، ويمكن مراجعة كتاب الكافي للكليني / كتاب الحجة : باب أن الأئمة عليهم السلام هم الهداة ، فقد ذكر أربع روايات في تفسير هذه الآية بعلي والأئمة من بعده । (1) عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد وفضالة بن أيوب، عن موسى بن بكر، عن الفضيل قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ولكل قوم هاد " فقال: كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم। (2) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله، ثم الهداة من بعده علي ثم الاوصياء واحد بعد واحد. (3) الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن محمد ابن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد "؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر وعلي الهادي، يا أبا محمد هل من هاد اليوم؟ قلت: بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد بعد هاد حتى دفعت إليك، فقال: رحمك الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل، ماتت الآية، مات الكتاب ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى. (4) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور، عن عبدالرحيم القصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله أنا المنذر وعلي الهادي، أما والله ما ذهبت منا وما زالت فينا إلى الساعة. _ انتهى _ فمجمل مانقلناه من روايات الفريقين لا يتعدى كون علي عليه السلام هو المقصود بالهادي بعد النبي صلى الله عليه وآله ، فهذا علي ميزان الحق والهداية ، وبعد كل هذا لايهتدي به المهتدون وطلاب الحقيقة والهداية وما هذا إلا الخسران ، وماذا تعني كلمة (هاد ) الموجودة في كتاب الله ، ومن هو مصداقها غير علي _ اللهم أرنا الحق حقاً حتى نتبعه ، وأرنا الباطل باطلاً حتى نجتنبه ، والحمد لله أولاً وآخراً _ كلمة الشيخ بشار العالي _ حول معنى الآية _

الأحد، 1 مايو 2011

إمتداد من القرن العاشر إلى يومنا ( الحلقة السابعة )

فروع الدوحة القارونية المباركة
_ الموسوية الحسينية البحرانية _


الموقع الجغرافي للأسرة
بحسب المصادر أن هذه السلالة استوطنت البحرين بجزيرة أوال قادمة من نواحي العراق ، وسبق أن استوطنت هذه الأسرة ( قصر ابن هبيرة ) بالقرب من الكوفة ، وكذلك ( سيرجان ) من نواحي كرمان بإيران ، كما هو حال السيد أحمد بن إبراهيم المجاب ، ووجدت في بعض المشجرات إضافة كلمة المصري أو مصري عند إسم (حسين) بن أحمد بن يوسف بن حمزة _ المذكور في السلسلة الأولى _ ولعلها تصحيف لكلمة بصري أو المرتضى وماشابه ، لأنني وبحسب تتبع المشجرات لم أجد من سلالة حسين بن أحمد بن إبراهيم المجاب من استوطن مصر والله تعالى العالم ، كما أن الكتب المختصة بهذا اللون مثل كتاب ( متنقلة الطالبيين ) لم يتعرض لهذا الفرع ، واستوطن آباؤهم البحرين ولم استطع أن أحدد من استوطن البحرين أولاً بشكل دقيق ، وكان مقر الأسرة الأول هو قرية (توبلي) من البحرين من حدود القرن الثامن ، فهي عش السادة الموسويين الحسينيين القارونيين ، وبها قبور أجدادهم ومنازلهم ، ومساجدهم التي عمروها بذكر الله تعالى فهي باقية على بساطتها بين أحياء قرية توبلي القديمة ، وبها الحسينيات التي طالما لهج الذاكرون فيها بإسم الحسين عليه السلام طوال العام ، وبها مزارعهم حيث استطعت أن أفك بعض الحروف من الكتابات القديمة بخط الثلث على صخور بعض القبور للسادة القارونيين وهم يوقفون بعض المزارع لأعمال الخير إلا أن هذه الوقفيات قد اندثرت وسُرق أكثرها وأصبحت في يومنا هذا أملاكاً خاصة لبعض المتنفذين فلاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، وقد هاجر بعض أفراد هذه السلالة إلى قرية ( كرانة ) منهم السيد عبد الله بن السيد سليمان القاروني ( متوفى قبل 1028هـ) وهو الموصوف بـنزيل كرانا ، وبينه وبين السيد ماجد الصادقي مودة حيث رثاه الأخير بقصيدة تتناقلها بعض الكتب الأدبية ، ولم أستطع تحديد موقعه على خارطة النسب والشجر القارونية الكبيرة التي أعدها إلا أنني افترض أنه يكون ابن السيد سليمان وأخاً للسيد محمد والسيد ناصر ، فناصر هذا منه امتد العمود النسبي حتى عبد الجواد كما سيأتي ، وهل لعبد الله بن سليمان القاروني سلالة في البحرين وذرية ؟ ، لم يصلنا من العلم شئ لكي نثبته .

ومن ( توبلي ) من قرى البحرين انتشرت أعقاب هذه الأسرة في ( البلاد القديم ) و (سار) و( باربار) و( مقابا ) و(المرخ) حتى ملئوا أكثر بقاع أوال بما فيها( المنامة ) و( السنابس ) ، وخارج البحرين مثل ( سيهات ) بالسعودية ، و(البصرة ) و( عبادان )، و( قصبة النصار) بالقرب من عبادان في إيران ،و( المحمرة) ، و(الكويت) ، و( بندر لنجة ) و( دبي ) و( أبوظبي ) ، و ( سلطنة عمان ) ومازال البحث جارياً حول أماكن تواجد هذه الأسرة لنتمكن من تدوين كل المعلومات إن شاء الله تعالى .

ذرية السيد علي بن سليمان القاروني الحسيني

توقفنا في تسلسلنا في الحلقة السابقة عند علي بن سليمان بن علي بن ناصر ، وحيث أن هذه الشخصية هي محورية في الشجرة القارونية حيث قال البعض أنه هو ( القارون الزاهد ) كما بينا ، مع أننا لا نقبل بهذا الرأي لعدة اعتبارات ، ولكن هي شخصية محورية ، ويبدو أن علياً هذا هو من العلماء لأن السيد الحسيني الأشكوري نقل في كتابه تراجم الرجال ، أن السيد علي بن سليمان بن علي بن ناصر كان متواجداً في مدينة مشهد للتحصيل العلمي وإسمه على كتاب دراسي مؤرخ في 15 جمادى سنة 971هـ ، ويبدو أنه كان في ذلك الوقت في مقتبل عمره لبعض القرائن الخارجية أما ذريته فبين احتمالين
الإحتمال الأول : أنها منحصرة في سيد عبد الجواد ومنه تتفرع إلى إسماعيل ومحمد _ وهو اختيارنا _ ويؤيده [مشجر السادة آل قاهري ، شجرة النسب العلوية للسيد محمد صالح ، المشجر الوافي ج 1 :96 ] وكلا هذين المصدرين الأخيرين أشد ضبطاً من غيرهما
الإحتمال الثاني : أن له ولد اسمه محمد وهو والد حسين وحسين هذا هو أبو عبد الجبار الأول ، وعبد القاهر ، بحسب المصادر التالية [ شجرة السادة الساريين ، مشجرة سادة سار _ من البحرين _ ، عمود نسب علوي بن سليمان بن محمد ( منتظم الدرين ج3 :53 ) ، ] ، وفي النفس شئ من هذه المصادر الثلاثة في ضبط النسب لمن يتمعن فيها بدقة .
ذرية السيد عبد الجواد القاروني الحسيني
ومن عبد الجواد بن علي بن سليمان يتفرع غصنان .
الغصن الأول : إسماعيل بن عبد الجواد بن علي ، فله من الأولاد ، سليمان ، وسليمان أنجب (1) أحمد _ لم نعثر على عقبه_ (2) جعفر _ لم نعثر على عقبه _ (3) كاظم _ لم نعثر على عقبه_ (4) هاشم ، وهو آية الله السيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل التوبلي أو (التوبلاني) كما هو مشهور على غير القياس ، فقيه بحراني ، ومحدّث وشهرته نار على علم صاحب مؤلفات كثيرة أغنت المكتبة الشيعية من أهمها تفسير البرهان وكتاب غاية المرام مطبوعان ، ويصل مؤلفاته إلى أكثر من خمسين عنواناً ، تولى زعامة القضاء في البحرين وزعامة البحرين الدينية زمن الحكم الصفوي للجزيرة وعرف بجرأته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان حازماً حتى على الحكام كانت وفاته مرددة بين 1107هـ أو 1109هـ ، من تلامذته والمجازين عنه الشيخ محمود بن عبد السلام المعني ، والشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي وغيرهم من البحرين وخارجها ، وتنقل بين البحرين والعراق وإيران ، ويمتلك مكتبة ضخمة ، مدحه جلّ المؤلفين في التراجم وأثنوا عليه ، توفي في قرية النعيم ونقل ليدفن في قرية آبائه وأجداده ( توبلي ) في مسجد يعرف قديماً بإسم ( ماثنى ) وقبره مزار عند عامة شيعة البحرين يتبركون به من زمن الآباء والأجداد ، إلى يومنا وينقلون عنه الكثير من الكرامات .

ذرية السيد هاشم التوبلاني القاروني الحسيني

ويتفرع من السيد هاشم هذا أربعة فروع (1) محسن ، من الفضلاء أيضاً بحسب ما نقله البعض (2) محمد جواد _ بتردد _ (3)عيسى ، وهو عالم دين كانت لديه مصنفات والده ، ولعيسى هذا ولد إسمه سيد حسين ذكره فارس تبريزيان في كتاب ( العلامة السيد هاشم ) وأن للسيد حسين تلميذ هو الحاج علي رمضان الإحسائي الشاعر المعروف ، (4) علي وعلي له ولد إسمه السيد محمد وهو عالم جليل ومبلّغ عاش في مدينة خنج في إيران للتبليغ ، ثم هاجر إلى مدينة أسير وتوفي بها وقبره مزار معروف بها ، وله ذرية في إيران إلى يومنا ، ورأيت عمود نسب لأحدهم عليه توثيق العلامة الثبت النسابة آية الله السيد شهاب الدين المرعشي يوصله للإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) ، وهذا العمود هكذا : أحمد بن محمد بن طالب بن إبراهيم بن رضا بن أحباب بن السيد محمد بن السيد علي بن السيد هاشم ..إلخ ، وبحسب بعض النقولات أن ذرية السيد هاشم يعرفون بالسادة البرهاني نسبة لكتاب البرهان في تفسير القرآن ، كما هو متداول عند الكثير من الأسر العلمية ، ولعلي أحظى ببعض المشجرات عن ذرية السيد هاشم مستقبلاً فندرجها ضمن بحثنا ، وعلى العموم فمجمل ذرية السيد هاشم التوبلاني هم خارج البحرين ، وقد ينتسب له بعض من لاعلم له بالنسب فيقول جدنا السيد هاشم يقصد من صلبه ، إلا أن أكثر السادة في توبلي وغيرها من القرى من نفس شجرته وأرومته وليس من أولاده الصلبيين إذ لا يثبتون ذلك بدليل ، وسمعت من ضمن هؤلاء الخطيب السيد علوي بن سيد حسين التوبلي _ المعاصر _ والمتوفى في أغسطس 2010م ، يقول أنه من ذريته ، وفي ظني أنه ليس له ذرية في البحرين بل هاجروا في ربوع إيران ولهم انتشار هناك ، فمن ذلك الإنتشار ماوجدته في ترجمة العلامة الجليل السيد عباس المهري نزيل الكويت و المولود في قرية (مهر) من توابع ( لار ) في إيران عام 1333هـ ، 1915م والذي عاش جزءاً من حياته في الكويت وتوفي ودفن في مدينة قم المقدسة وذلك في العام 1408هـ ، 1988م ، وهو والد العلامة السيد مرتضى المهري ، قرأت في سيرته أن والدته السيدة خديجة كانت من النساء الفاضلات، ويرجع نسبها إلى المحدّث والمفسّر الكبير السيد هاشم البحراني قدس سره ، ولعل المتقصّي في هذا الجانب يجد ضالته في هذه المدينة من نواحي إيران .

الغصن الثاني : محمد بن عبد الجواد بن علي ، ذكره الطهراني في الطبقات ، كان حياً سنة 1017هـ ، حيث صحح نسخة من كتاب الحبل المتين ، وهو من العلماء الفضلاء الذين لم يصلنا من أخبارهم شئ ، وللسيد محمد بن عبد الجواد هذا ولدان ، (1) السيد علي ويكنى بأبي الحسن ، _ لم نعثر على عقبه _ كتب السيد هاشم كتابه الهادي ومصباح النادي بإسمه ومدحه السيد هاشم كثيراً كما في مقدمة الكتاب ويبدو عليه من أهل الفضل والوجاهة ، (2) السيد حسين ، وللسيد حسين هذا فرعان نتعرض لهما بشئ من التفصيل لأنهما مجمع لأكثر السادة القارونيين في هذه الأزمنة .
( الأول ) فرع السادة آل عبد القاهر القاروني ( قاهري )
الفرع الأول : السيد عبد القاهر بن حسين بن محمد بن عبد الجواد ( السادة آل قاهري) ، وقد قاموا بإضافة هذا اللقب للتمييز بينهم وبين بقية القارونيين الذين يشاركونهم في الديار سيّما من بني عمومتهم ( آل سيد عبد الجبار) _ يأتي الكلام عنهم _ فيقال فرع السيد عبد القاهر حتى تحولت إلى (قاهري) ومنهم جماعة عاشوا في ربوع إيران ثم عادوا ليقطنوا البحرين إلا أن اللكنة الفارسية ونمط الحياة والطبائع الفارسية ظلت ملازمة لأكثرهم ، وكثير منهم يجيد اللغة الفارسية ، ويسميهم أهل البحرين ( عجم ) مع أنهم من بيت ساد العرب والعجم والدنيا وهو بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين . وبقي منهم خارج البحرين أكثر ممن رجع إليها .
فعبد القاهر ( الأول ) له من الذرية ، حسين _ من مصادر غير موثقة للآن _ ولحسين سليمان ولسليمان حسين في المحمرة قبره ، ولعبد القاهر (الأول) أيضاً ولد علي وعلي ولد له حسين وولد لحسين ولدان عبد القاهر الثاني وماجد ، (1) ماجد ، ومن ذريته محمد ، وقاسم ، وما وصلني عن محمد شيء ، أما قاسم فولد له سليمان وولد لسليمان عبد الله وولد لعبد الله محمد سعيد ، وحسن ، أما حسن فولد له أحمد ولأحمد كاظم ولكاظم راضي ولراضي جواد ، وهذا تمام ما استطعت إثباته من ذرية ماجد بن حسين بن علي بن عبد القاهر .
(2) عبد القاهر الثاني بن حسين بن علي بن عبد القاهر الأول ، وبحسب شجرة السيد محمد صالح العدناني الذي تتبع هذه الذرية ، أن لعبد القاهر هذا ستة أولاد وهم ، حمزة ، وجعفر ،وهاشم ، ومحمد ، وعلي ، وحسين . وولد لحسين هذا عبد القاهر الثالث ولعبد القاهر الثالث ولد حمزة المتوفى بحسب التعاليق على بعض المشجرات _ في النجف عام 1942م ، والله العالم ، وله ذرية وهم ، عبد القاهر ، وعبد الوهاب ، و عبد ، وحميد ، ولكل واحد منهم امتداد وذرية . يرجع لتفاصيلها في المشجرات المفصّلة .
ومن الملاحظات المهمة أن مادوّن في المشجرات التي ننقلها هنا في كتاباتنا ليس هو كل الشجرة إنما هو بعضها بحسب ما أُدركَ ودُوّن وإلا فهناك الكثير من الأسماء التي لم تدون وبالتالي فعلى من يحاول أن يكمل الطريق أن يوصلهم ، فهذا جزء من معالم هذه الشجرة المباركة .

أعلام السادة آل عبد القاهر الحسيني

1- السيد عبد القاهر بن حسين بن علي ( الثاني ) :

ترجم له في أنوار البدرين فقال مانصّه : [(ومنهم) السيد الفاخر الفاضل الماهر السيد عبد القاهر التوبلي البحراني كان رحمه الله تعالى من أفاضل تلامذة العالم المشهور الشيخ حسين آل عصفور مشهورا بالعلم والفضل إلا أني لم أقف على شيء من أحواله ولا شيء من مصنفاته والحوادث التي وقعت على بلاد البحرين، أذهبت أكثر آثارها في البين وحدثني شيخنا الثقة العلامة (أعلى الله مقامه) أن المرحوم الشيخ حسين آل عصفور رأى ليلة من الليال في الطيف إنه أتى إلى محراب مسجده الذي في قريته الشاخورة الذي يصلي فيه الجمعة والجماعة المعروف بمسجد حبيب وبال فيه سبع بولات (أي سبع مرات من البول) فانتبه متكدرا من هذه الرؤيا حتى أنه لم يخرج للبحث والتدريس فلما اجتمعت العلماء والطلبة من أطراف البحرين وغيرها وقد كان العلم رائجا في زمانه كما قدمنا سألوا عما بالشيخ فأخبروا أنه غير طيب النفس ولم يعلموا بالسبب فدخل عليه هذا السيد (صاحب الترجمة) وكان أجرا تلامذته عليه بعد طلب الإستئذان إليه فرآه حزينا كئيباً فسأله عن سبب ذلك فأخبره بما هنالك، فقال له السيد المذكور إن رؤياك هذه حسنة مبشرة ينبغي لك أن تحمد الله عليها وتلبس ثياب المسرة والبشرى إليها فقال له: وما ذاك؟ فقال له السيد إن رؤياك تدل على أن الله تعالى يرزقك سبعة أولاد ذكورا علماء فضلاء وكلهم يخلفونك ويصلون في هذا المسجد أئمة للإنس وكان الشيخ قبل ذلك ليس له ولد ذكر أصلا فلما سمع الشيخ من السيد بتفسيرها وتعبيرها انجلى عنه ما يجده من الهم والثبور وتبدل ذلك عليه بالبشرى والسرور وخرج للتدريس على عادته حامدا مستبشرا فما كان إلا وقت يسير حتى من الله عليه بما ذكره السيد المذكور فرزقه الله سبعة أولاد علماء فضلاء مجتهدين وكلهم صلوا الجماعة والجمعة في ذلك المسجد المزبور والعلم كله في العالم كله إلا ما استأثر الله به دون خلقه واختص به رسله وأنبيائه وأمنائه (صلى الله عليهم أجمعين)...إلخ ]
ومانستطيع تحديده من التواريخ في حياة هذه الشخصية هو كونه معاصراً للشيخ حسين العصفور المستشهد في 21 شوال 1216هـ حوالي العام 1802م ، ويبدو أنه من الجيل الأول من تلامذة الشيخ حسين العصفور ، لأن أولاد الشيخ حسين هم من تلامذته أيضاً ، وعلى حسب هذه الحادثة المنقولة من تعبير الرؤيا يكون السيد من الجيل الأول من تلامذته ، ولا نمتلك تاريخاً محدداً عن وفاته ، أو هل بقي في البحرين بعد وفاة أستاذه أم لا ؟ والله تعالى العالم .

2- السيد حسين بن عبد القاهر بن حسين :
وهو ابن السابق ، ترجم له في أنوار البدرين فقال مانصّه : [ (ومنهم) ابنه الفاضل المحقق السيد حسين ابن السيد عبد القاهر المذكور خرج من البحرين وسكن البصرة تارة والمحمرة أخرى وأكثر سكناه في البصرة وبها توفي، قرأ عليه ابن عم والدي الفاضل الأواه الشيخ عبد الله ابن الحاج محمد ابن الشيخ سليمان في البصرة كتاب (قواعد العقائد) للعالم الرباني الشيخ ميثم البحراني من أوله إلى آخره وهو كتاب عجيب محكم الأدلة مكتوب على آخره الإنهاء بخط ابن عمنا ووصفه بأوصاف جليلة ونعوت جميلة وقرأ عليه العالم الفاخر الشيخ ناصر بن نصر الله القطيفي في العلوم العقلية وكان الشيخ ناصر المذكور يبالغ في علمه وفضله وتقواه ونبله وذكر له كرامة حسنة قد شاهدها هو وجميع الحاضرين وهي أنه لما توفي قدس سره وخرجت الشيعة من أهل البصرة مشيعين لجنازته قاصدين بها النجف الأشرف بتشييع عظيم والناس في بكاء وعويل جسيم ومروا بجنازته على العشار المعلوم من البصرة وكانت هناك سفينة فيها جماعة من المخالفين من أهل الكويت وفيهم رجل هو ( نوخذا ) تلك السفينة فلما رأى كثرة الناس واجتماعهم وصراخهم فأظهر كلاما فيه الشماتة والسرور فما أكمل كلامه حتى وقعت على رأسه قفية وهي خشبة في السفينة لرفع الحبال من آلاتها فأهلكته بلا إمهال وعجل الله له في الدنيا قبل الآخرة النكال والناس يرونه بذلك الحال وله في الآخرة أشد العذاب والوبال، ومن أهل هذا البيت بارك الله عليهم ] _ انتهى _ أقول : ذكره مترجماً في منتظم الدرين عن تاريخ العصفوري إلا أن العصفوري أدخل لقب الغريفي على الإسم ونقله المنتظم غفلة وهذا تصرف منه سامحه الله إذ أن صاحب أنوار البدرين وهو أدرى بشعابها لم يذكر هذا اللقب ، ولا غيره ، بل لايحيدون عن لقب التوبلي، وفي كتاب جوامع الكلم يسأل السيد الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي والأحسائي يجيب ، في أكثر من موضع والرسائل مؤرخة بعدة تواريخ منها [1214هـ و 1240هـ] وفي منتظم الدرين : وكان حياً سنة 1256هـ ، رأيت له توقيعات عدة على كثير من الوثائق العقارية آخرها بالتاريخ المذكور ، فهو معاصر للعلامة الشيخ حسين العصفور ولا يبعد أن يكون قد تتلمذ عليه أيضاً فيكون هو ووالده من المستفيدين من الشيخ حسين ( قدس سره ) ، وعلى أية حال فالمظنون بشكل قوي أنه لم يتجاوز القرن الثالث عشر والله تعالى العالم . وقد مدحه السيد الشاعر خليل الجدحفصي بأبيات ذكرها في منتظم الدرين يقول فيها :
ألا يا ابن بنت المصطفى ياحسين من* صفات علاه لا أطيق لها عدّا
لأنت أجل الناس قدراً ورفعةً * وأنداهمُ كفاً وأزكاهمُ جدا
وأعلاهمُ فخراً وأسماهمُ أباً * وأطولهم باعاً وأوسعهم رفدا
وعدت فقل لي أين وعدك سيدي * فعندكَ كفرُ المرء أن يخلف الوعدا
****
ويبدو أن في هذه الذرية جماعة من العلماء الفضلاء المجهول أمرهم عنا ومنهم أدباء وأفاضل ، ومنهم السيد رضا قاهري صاحب الإهتمام بالمخطوطات القديمة ، ولديه نوادرٌ من المخطوطات والكتب والوثائق _ مد الله في عمره _ ونكتفي بهذا المقدار عن عائلتي السيد هاشم التوبلاني وعائلة قاهري لنواصل حديثنا في بقية هذه الشجرة المباركة والحمد لله أولاً وآخرا .
بشار العالي البحراني
28 جمادى الأولى 1432هـ



الاثنين، 25 أبريل 2011

الأشراف في القرنين التاسع والعاشر

الشجرة الموسوية القارونية في البحرين ( الحلقة السادسة )


تنويه : السادة القارونيون وجودهم أقدم من القرنين التاسع والعاشر ولكننا نؤرخ بحسب الوثائق ، وليس القرائن ، وإلا فالقرائن تفيد أن وجودهم يمتد لأكثر من القرن الثامن ولحين تكامل البحث والمصادر ستكون العناوين مختلفة

المقدمة :
وهي من أقدم الأشجار الحسينية الموسوية في البحرين ، والأكثر انتشاراً في ربوع جزيرة أوال ، وخصوصاً في قرى ومناطق أوال ، ومنها تفرعت أشجار كثيرة ، في الخليج ، مثل ( أبوظبي ) ، و (دبي) ، و( بندر لنجة) ، و(القطيف) ، و(الكويت) ، وربوع إيران على سعتها ، وربوع العراق ، وسنتعرض في طي البحث إلى هذه الإنتماءات بعونه تعالى ، والبحث يقع في عدة محاور :-

المعقّبون من ذرية الإمام موسى بن جعفر (ع).

تنتمي هذه السلالة الطاهرة ، بل وأغلب السادة الأشراف في البحرين، إلى الإمام السابع من أئمة أهل البيت عليهم السلام ، موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر، بن علي بن الحسين زين العابدين ، بن الحسين السبط الشهيد ، بن علي بن أبي طالب ، وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ابنة سيد الكائنات النبي محمد صلى الله عليه وآله ، فمن هذه الصفوة يذكر علماء النسب في مصنفاتهم المعتبرة والمعول عليها أن للإمام موسى بن جعفر من الذرية من بارك الله في نسلهم حتى ملؤوا بقاع الأرض بأنفاسهم المباركة .
ويعتبر الإمام موسى الكاظم (ع) من أكثرالأئمة ذرية ، فبحسب مانقله صاحب المجدي في أنساب الطالبيين حكاية عن الأشناني تسعة وخمسون ولداً ، موزّعين بين الذكور والإناث بين سبعة وثلاثين بنتاً ، واثنين وعشرين ذكراً . وفي النفحة العنبرية لليماني الموسوي نقل أن عدد الذكور ثلاثة وعشرون ، وعليه يكون المجموع ستين ولداً بين ذكر وأنثى . وهو ما ذكر في كتاب ( عمدة الطالب ) .
إلا أن مايهم علماء النسب هو ( الولد الذكر) فإن كان له أولاد ذكور فيُقال له ( مُعقّب ) ، وإن كانت ذريته من الإناث يقال له ( مئناث ) ، وإن مات صغيراً يقال له ( دارج ) أو مات ولم يكن له ولد أو كان له ولد لم ينجب يقال له ( منقرض ) على مايذكره علماء الأنساب في مؤلفاتهم .

واستطراداً للفائدة نقول : إن المعقبين من أولاد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام على ماذكره الفخر الرازي في كتابه ( الشجرة المباركة في أنساب الطالبية ) أحد عشر ، وأما الذين اختلفوا في أعقابهم فهم أربعة ، وأما الذين اتفقوا على أنهم ما أعقبوا فهم عشرة ، وعليه فبحسب نقل الرازي يكون الأولاد الذكور من الإمام موسى بن جعفر خمسة وعشرين ذكراً ، وهو خلاف مانقلناه سابقاً عن صاحب المجدي ، وعن غيره أيضاً وهنا ننقل ما اتفق عليه النسابون _ بحسب الفخر الرازي _ في ذكر المعقبين من أولاد الإمام موسى بن جعفر وهم كالتالي : (1) علي الرضا _عليه السلام _ (2) إبراهيم الأصغر (3) العباس (4) إسماعيل (5) محمد (6) عبد الله (7) عبيد الله (8) الحسن (9) جعفر (10) إسحق (11) الحمزة . وأما صاحب النفحة العنبرية فقد أخرج من هذه القسمة الحسن ، فعنده الذين أعقبوا بغير خلاف عشرة فقط . وأما العقيقي صاحب كتاب المعقبين من ولد أمير المؤمنين ، فقد ذكر أربعة عشر ذكراً للإمام الكاظم ، ويبدو أنه جمع بين عنواني ( المعقبين بلا خلاف بين النسابين ) و ( المعقبين الذين اختلف فيهم ) ، وهذا مايجعل الأرقام غير ثابتة من مصدر لآخر .

من هو السيد محمد ( العابد ) ؟

السيد محمد بن موسى بن جعفر والذي يلقب بـ( العابد ) ممن اتفق علماء النسب على كونه من المعقبين من أولاد موسى بن جعفر ، وكان زاهداً ، عابداً . ونقل الشيخ المفيد في إرشاده : كان محمد بن موسى من أهل الفضل والصلاح ، ونقل عنه ( وكان ليله كله يتوضأ ويصلي ) ، وتوفي محمد بن موسى في شيراز ودفن بجانب أخيه أحمد الذي يلقبه الإيرانيون بـ( شاه جراغ ) أي ملك النور ، ومن هذا السيد الجليل يتفرع الكثير من السادة الأشراف في البحرين وغير البحرين ، وإن كانت هناك فروع من غير هذا السيد _ في البحرين _ كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى .

تعليق على عقب السيد محمد العابد

في عمدة الطالب لإبن عنبة يقول [ والعقب من محمد العابد بن موسى الكاظم عليه السلام في إبراهيم المجاب وحده ومنه في ثلاثة رجال ....] وفي تحفة الأزهار لإبن شدقم أن عقب محمد العابد في إبراهيم المجاب ومحمد الزاهد نقلاً عن السيد في الشجرة _ بحسب تعبيره _ قال : واقتصر السيد علي تاج الدين بأبي محمد إبراهيم المجاب ، على أن العمري النسابة صاحب كتاب المجدي يقول أن أولاد محمد بن الكاظم (ع) ثلاثة وهم جعفر أولد وانقرض ، ومحمد الزاهد النسابة رحمه الله مقل ، وإبراهيم الضرير الكوفي منه عقبه . وكذّب السيد النسابة الأعرجي في كتاب مناهل الضرب من ينتسب للعابد من غير ابنه إبراهيم ، وذكر مثالاً ، ومن ضمن كلامه في عقب محمد العابد أنه قال : [ وعقبه من ابنه إبراهيم المجاب وحده ، ومن انتسب إليه من غيره مبطل لامحالة ] والمتحصل أن عقب محمد العابد منحصر في إبنه إبراهيم والمعروف بالمجاب .

ومن ناحية ثانية وهو مايهم بحثنا بشكل أكبر هو عقب إبراهيم المجاب فأكثر المصادر تشير إلى أن عقب إبراهيم المجاب في ثلاثة وهم ، محمد الحائري ،و أحمد بـ( قصر ابن هبيرة ) ، وعلي بـ( السيرجان ) من (كرمان ) وهو الموجود في أغلب كتب النسب مثل / ابن عنبة في عمدة الطالب ، وابن شدقم في تحفة الأزهار ، والشجرة المباركة للفخر الرازي مع اختلاف في عدد ذرية إبراهيم الضرير واختلاف في ألقابهم ومناطقهم لايضر ببقاء أصل الأسماء إلا أن الفخر الرازي قد أضاف إسماً لأبناء إبراهيم المجاب وهو موسى الأرجاني ، وقال : كلهم بـ(سيرجان) ، بالإضافة إلى أنه لم يسم محمد بـ(ـالحائري ) بل لقبه بلقب آخر وهو محمد قشير . ووصف الفخر الرازي في ختام حديثه عن هذا الفرع بقوله : وأما موسى وأحمد ففي عقبهما قلة . _ انتهى _ وذكر صاحب كتاب النفحة العنبرية وهو من النسابين من القرن التاسع مثل كلام الرازي من قوله أن أولاد إبراهيم المجاب أربعة وذكر أسماءهم مجردة كما هو الحال من كلام الرازي .
ثم إذا نزلنا من إبراهيم المجاب إلى إبنه أحمد الذي ذكروا أنه بسيرجان وهي إحدى مدن إيران تسكت الكثير من الكتب عن متابعة هذه الذرية المباركة سوى أن البعض يذكر أسماء متفرقة لا بشكل مفصل عن المعقبين والمنقرضين منهم ، وبالتالي يفقد البحث عنصراً منقطعاً يحتاج وصله إلى مشقة ومتابعة كل كتب الأنساب وتحصيل المعلومة منها وهو أمر شاق في أغلب الأحايين . فعندما يصلون إلى أحمد ابن إبراهيم بن محمد بن موسى الكاظم (ع) يذكرون ابنه ( حمزة ) وجملة متفرقة من ذراريه ، وقل أن يذكروا حسيناً الذي هو جد للسادة القارونيين ، إلا أننا نقول إن عدم تعرضهم للذرية لاينفي اتصالها نسباً بالسيد أحمد لأنهم لم يذكروا أنه كان منقرضاً بل له ذرية إلا أنه مقل ، بالإضافة لوفرة القرائن على بقاء الذرية ، وكذلك احتفاظ هذه السلالة بوثائق يقرها النسابون كل ذلك يشكل اطمئناناً لصحة هذا النسب ولعلنا نقع على مصدر من كتب الأنساب _ المختصة _ يرفع عنا عناء البحث الجزئي ليوصلنا للمعلومة مباشرة .


التسلسل من السيد محمد ( العابد ) إلى ( القارون )

وهنا نذكر تسلسل هذا النسب الطاهر من محمد العابد ابن موسى بن جعفر حتى السيد ( علي الملقب بقارون ) ومنه تتفرع هذه الدوحة المباركة والذرية الطاهرة تاركين بقية الفروع التي تتفرع من هذه الغصون وإلا لخرج البحث عن موضوعه وتهنا عن مقصدنا الذي ننشده من هذه الكتابة فنقول والله المستعان . بعد مراجعة أكثر من شجرة نسب ومصدر، نستطيع أن نضع هذا التسلسل النسبي من السيد محمد بن موسى الكاظم (ع) وصولاً إلى السيد علي الملقب بـ( قارون ) الجد الأعلى للأسرة القارونية في البحرين .
موسى بن جعفر الكاظم (ع) = محمد العابد = إبراهيم ( الملقب بالمجاب ) = أحمد ( الملقب بسيد السادات) = حسين = جعفر = علي = موسى = حسين = محمد = حمزة = يوسف = أحمد ( محمد بحسب الشجرة السارية ) = حسين مصري = محمد ( الملقب بالمرتضى ) = سليمان = ناصر = علي = سليمان = علي( الملقب بقارون بحسب المحقق تبريزيان ) .

التعليق على هذه السلسلة :
1- يتفق عليها كل من [ مشجر السادة الساريين ، كتاب شجرة النسب العلوية والأسرة الصالحية ، ورقة بهذه النسبة اتصالاً بالإمام الكاظم عليها تصحيح السيد المرعشي وختمه ، فارس تبريزيان الذي حقق في نسب السيد هاشم البحراني في كتاب : العلامة السيد هاشم البحراني ] فكل هذه المصادر متفقة على هذه السلسلة . إلا أنه في إسم (علي) بن ناصربن سليمان لم يرد في شجرة الساريين ، ونقله الشيخ فارس عن مصدرين آخرين هما ،كتاب جامع الأنساب للروضاتي ، وكتاب الروضة النضرة للطهراني . ويبدو أنه سقطٌ سها عنه المشجّر، في الأسرة السارية .
2- بعد مراجعة دقيقة لكتاب [ المشجر الوافي بطبعته المتأخرة ج1 ، القسم الأول ] أورد ماسقط وأسلفنا ذكره في النقطة الأولى ، إلا أنه لديه سقط آخر ، فقد ذكر السلسلة هكذا ، يوسف = حسين المرتضى = محمد = سليمان . وهو اشتباه منه بعد مراجعة أكثر الأشجار ويبدو أنه اعتمد مشجراً فيه سقط ولحين أطلع على مصدره لا يمكن أن أبت وأقطع بشئ والله تعالى العالم .

من هو قارون وماهو سبب تلقيبه ؟

هناك خلاف في المصادر حول الشخصية التي لقبت بـ(قارون) ومنه انتقل اللقب إلى بقية الفروع التي دونت أنسابها بلقب القاروني ، ويمكن أن نستخلص هذه الآراء الأربعة وهي :
1- الجد الثالث للسيد هاشم [ علي بن سليمان بن علي ] وهو رأي الشيخ تبريزيان . في كتابه عن حياة السيد هاشم
2- الجد الخامس للسيد هاشم [ علي بن ناصر بن سليمان ] وهو رأي آية الله المرعشي بحسب المخطوط الذي وثقه السيد رحمة الله عليه وهو عند أحد أحفاد السيد هاشم .
أما السيد محمد صالح في كتابه [ شجرة النسب العلوية ] فقد تردد عنده إطلاق لقب ( قارون الزاهد) على شخصيتين وهما بحسب تردده دون ترجيح لأحد منه وهما :
3- الجد السابع للسيد هاشم وهو [ سليمان بن محمد بن حسين] كما في كتاب شجرة النسب العلوية .
4- الجد الرابع للسيد هاشم وهو [ سليمان بن علي بن ناصر ] كما في كتاب شجرة النسب العلوية .
فنحن إذاً بين أربعة احتمالات حول من يكون صاحب هذا اللقب الذي من خلاله التصق في شجرة هذه السلالة الموسوية .

الرأي المختار في المسألة

وأما أنا وبحسب بحثي واطلاعي القاصر فأميل للقول بأن الذي لُقب بقارون هو الجد السابع للسيد هاشم البحراني وهو ( سليمان بن محمد بن حسين ) ، وذلك لعدة اعتبارات وهي :
1- كون هذا الإحتمال ذكره السيد محمد صالح ضمن بحثه وتنقيبه وهو ابن هذه الشجرة وإن لم يكن قد اختاره بشكل دقّي إلا أنه قد ذكر هذا الإحتمال فهو وراد .
2- أن السيدين الجليلين ( ناصر بن سليمان ) و ( محمد بن سليمان ) وهما متقدمان على كل من في هذه السلسلة _ ممن وردوا ضمن الإحتمالات _ وقد لقبا بلقب القاروني كما يظهر ذلك جلياً في تتبع ديوان أبي البحر الخطي وحتى لما راجعت النسخ الخطية القديمة وجدت لقب القاروني قد التصق بهذين السيدين دون من قبلهما في السلسلة ، والتصق فيمن جاء بعدهما في السلسلة ، وحيث كانت وفاتهما بين ( 1008هـ _ 1011هـ) بحسب الروايات الواردة فبالتالي هما قد تلقبا بهذا اللقب فلا مناص من كون والدهما هو الذي لُقب بهذا اللقب وإلا للزم أن يكون هذا اللقب لأحدهما دون الآخر وبالتالي فالأصح أن يكون السيد سليمان هذا هو الذي لُقب بلقب ( القارون ) ومنه أخذت الأسرة لقبها _ والله العالم _

ولا يبعد أن أحفاده من بعده قد سلكوا مسلكه في الزهد فكان اللقب أشد التصاقاً بهم وبالتالي حصل لنا التعدد في لصق اللقب بأحد هذه السلسلة الكريمة .
أما سبب التصاق اللقب بهذا السيد فهو لشدة زهده في الدنيا ، وعدم تملكه شئ من حطامها ، كما يطلقون أحياناً كلمة ( بصير) على الرجل الكفيف إعلاءاً لشأنه وتبياناً لحاله عن طريق ذكر خلاف ماهو عليه ، أو للإشارة والتدليل على حاله ، فلقب هذا السيد بلقب ( قارون) للتدليل على خلاف حال قارون الذي اكتنز المال ، وفي بعض المصادر تسميه بـ( قارون المال) دون الإقتصار على كلمة قارون . وفي بعضها ( القارون الزاهد العابد) ، وهذا اللقب شائع على هذه الأسرة ومثبت في المشجرات فلا داعي لإثباته كثيراً فهو مشهور. وأياً كان صاحب اللقب فعدم معرفته لا يضر هذه الشجرة ، فشجرة النسب سليمة وصحيحة ومثبتة بالأدلة ، وهذه الحيثية لاتضر بأصل وفروع ماهو مدون في كتب الأنساب لأنها لقب زائد على الأسماء المتفق عليها .
26 أبريل 2011م
_ والحمد لله أولاً وآخرا وللحديث بقية _

الأحد، 24 أبريل 2011

حقائق قرآنية في المدد الإلهي : المحاضرة الثانية

المدد الإلهي في موقعة بدر
بسم الله الحي الذي لايزول ، والصلاة على النبي الهادي للحق بفطرة العقول ، وعلى آله مصابيح الدجى ، وسراة الأنام في الخطب المهول ، أما بعد فنواصل حديثنا عن حقائق القرآن وإشراقاته .
يقول الحق تبارك وتعالى : [ ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلةً فاتقوا الله لعلكم تشكرون ] آل عمران : 123 .
في هذه الآية يذكّر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في ذلك الزمان ، وفي هذا الزمان أيضاً ، وفي كل الأزمنة عن مسألة مهمة وغاية في الأهمية وهي أن النصر الإلهي أعده الله ليهزم كل المقاييس ، ويخطّئ آراء كل المحللين السياسيين ، وتفكيكهم لرموز اللعبة السياسية ، ليقول لهم أن إرادتي وما أريده هو وحده الذي سيكون على الواقع ولن تكون هناك إرادة متحققة في الواقع لأي قوة من القوى مهما بلغت .
وكانت وقعة بدر وهي أولى معارك المسلمين بكل المقاييس معركة فريدة من نوعها ، فأطرافها غير متكافئة ولو جعلنا من أنفسنا محللين سياسيين كما هو الحال اليوم لقلنا أن الرهان خاسر وهي حرب خاسرة ، ولربما يقول آخرون أن هناك فرق بين بدر وواقعنا في الأمة الإسلامية ، فتلك معركة قد هيّأ الله لها سبل النصر ، وهي معركة المسلمين الأولى فإرادة الله هناك مقترنة بمصلحة إلهية وهي بقاء الدين وبقاء أصله وصيانة له من الإجتثاث أعطى الله المؤمنين النصر ، وهذه الأمور غير متحققة في باقي الأزمنة .
ونقول : إن أصل المسألة هي نصر دين الله وإعلاء كلمته ، وباقي الأمور هي زيادات تختلف بها الأزمنة والأمكنة والمواضيع ، فالعبرة بالأصل ، فلن يتخلى الله عن عباده في زمن وينصرهم في زمن وإلا للزم أن تلغى جملة من العقائد الإلهية لا سمح الله وهذه الأمور يقدرها الله سبحانه وتعالى . وما يهمنا هو أن واقعة بدر كانت درساً إلهياً لقنه الله للطرفين على حد سواء للمؤمنين يقول أن الله دائماً معكم بقوته ونصره ، ولأعداء الله ليقول لهم أنكم بقوتكم وجبروتكم لن تصنعوا نصراً ولن تذلوا أوليائي وأحبائي ، إذاً فهي حرب أولياء الله وأعداء الله ، وبهذا المقياس تختلف الموازين .
يحدثنا التاريخ أنه في يوم بدر حيث لم تتكافأ الضفتين ، فجيش الكفر مدجج بجيوش متحالفة من القبائل والأعراب ، والإمكانيات كانت مختلفة ، والتجهيزات بحسب ذلك الزمان كانت في أعلى مستوياتها بمعنى أن المقدمات كانت تشير لغلبة طرف الكفر في معادلة الصراع بحسب المنطق . أما جيش الله الذي لم يكن يمتلك العتاد ولم يكن يمتلك الخيول والسيوف والتجهيزات المهمة للقتال فهو بحسب المعادلة المنطقية يصعب عليه أن ينتصر ميدانياً ، لكن جيش الله يمتلك في قلبه ( الله ) وهو بالتالي يمتلك المصدر المهم الذي يغير كل معادلات العالم وكل أسس المنطق ومداخلاته في المعادلة .
وحيث تنقل لنا المصادر موقفاً يختصر علينا الكثير من المسير فيقول المحدّث : [ لما كان يوم ‏ ‏بدر نظر النبي ‏ ‏صلى الله عليه وآله ‏إلى أصحابه وهم ثلاث مائة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي ‏ ‏صلى الله عليه وآله ‏القبلة ثم مدّ يديه وعليه رداؤه وإزاره ثم قال ‏ ‏اللهم أين ما وعدتني اللهم أنجز ما وعدتني اللهم إنك إن تُهلك هذه ‏ ‏العصابة ‏ ‏من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا ] . اللهم إن هؤلاء آمنوا بك وفعلوا ما أمرتهم وهيئوا ما أمرت به ونحن ننتظر وعدك وننتظر أن تنجز لنا ماوعدتنا . فبذهابهم وبهزيمتهم تعلى راية الكفر وبهزيمتهم لن يكون ثمة مؤمن في الأرض ، وبعدم انتصارهم لن يكون عابد يعبدك على الأرض ، فهم ينتظرون نصرك وتأييدك . فكان النصر حليفهم رغم كل التحديات . هذه المعادلة هي التي تسحق الكثير من التكهنات لتضع أمام أعين العالم المعادلة الإلهية في تحقيق النصر . ولقد نصركم الله ببدر وأنتم ( أذلة ) كانت قريش تعتبر هؤلاء أمام عظمتها وجبروتها أذلاء ، وكانت الإمكانيات ضعيفة ولكن ليس هناك أمر صعب على الله سبحانه وتعالى الذي حول ضعف هؤلاء إلى انتصار وجراحهم على مدى سنوات طويلة من تعذيب الكفار لهم في مكة ومحاولة إذلالهم وردعهم عن دينه تعالى حولها إلى انتصار يبهر العالم ويحدث به التاريخ ويخلده الله في كتابه ليقرأه كل مسلم وينشده كل مسلم ويهتف به كل مؤمن يعيش ضعفاً أو استضعافاً ليكون منتصراً ، يقول الحق تبارك وتعالى : [ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ] القصص :5، هذه المعادلة مضطردة حتى قيام الساعة وليس عنها تحول ولاتبدّل ، وتكون الغلبة دائماً لأهل الله وخاصته ، وأهل توحيده الذين عرفوه واهتدوا إليه ، وكان الناس في بعد عنه وفي ضلالاتهم يعمهون ، انتصر المؤمنون و هؤلاء لا يتركهم الله ولا يتخلى عنهم فهو معهم لأنهم كانوا معه دائماً .
والحمد لله أن جعل إشراق أنواره علينا أملاً لا ينقطع عن فهم نصره ، اللهم عجل لوليك الفرج ، وأمددنا بلطف عنايتك وارحم المؤمنين وأمددهم بقوتك يارب ( محاضرة ألقيت في أوائل أبريل )

الأربعاء، 6 أبريل 2011

كلمات من الحقائق القرآنية : المحاضرة الأولى

حقائق القرآن بين النظريات والقوانين

بسمه تعالت أسماؤه المجيدة ، والصلاة على الساكن في العرش من الوجود ، وعلى آله الأتقياء الذين صانهم الله في ملامح الخلود ، وبعد : فقد يتصور الكثير من المسلمين الذين ماعرفوا من الإسلام إلا الصورة وابتعدوا عن المضمون والحقائق الجوهرية لهذا الكتاب العظيم ، أن القرآن هو مجرد نظريات يتفوه بها الإسلاميون في تحركاتهم ويتشبثون بها في حروبهم الفكرية وغيرها ، على أننا لو رجعنا لحقيقة القرآن الكريم وحقيقة آياته المباركة لوجدناها تبتعد عن جو النظريات لتدخل إلى عمق الحقائق ، ولذلك حين يستند الإسلاميون في حركاتهم لآيات الكتاب العظيم فإنهم يستهدون بنور حقائق الله بوعده ، ووعيده وقبل الغوص في الآيات القرآنية ، نلفت الإنتباه على أن المراد من الإسلاميين في هذه المحاضرة هم من حرّكهم الوعيُ الدينيُ الأصيلُ النابعُ من الفطرة النقية الغير ملوثة بشوائب السياسات العفنة والتي تحركها أيدي الطواغيت في الأرض والذين أفرغوا الدين من محتواه ليجعلوه ( لعقاً على ألسنتهم ) كما يقول الإمام الحسين عليه السلام . سنحاول أن نعيش مع كتاب الله وهو يستجلي الواقع الإنساني المرتبط بهذه الحياة في كل تفاصيلها وزواياها ليرسم لهذا المخلوق خطوطه العريضة ، وواقعه الممنهج على أنه حقائق وليس بنظريات قابلة للتوهم والنقض بغيرها ، ومن خلالها يعيش المسلم يومه بكل تفاصيله ، وصراعه بكل تطلعاته ، وغده بكل إشراقاته ، حيث يبقى القرآن الكريم ربيعاً دائماً لحياة الإنسان ، وحتى لو حاول اليأس أن ينخر في طريقه ليحبطه تارة أو يتغلغل لمفاهيمه تارة أخرى فسيبقى القرآن هو الحقيقة التي لا مجال للبس فيها وهذه مجموعة أو قل باقة من الورود الإلهية لك أيها المسلم المؤمن الذي ينتظر الصحف لتضيف لتكهناته شيئاً هنا ، أو يتابع قناة لتضيف ليأسه بارقة أمل هناك ، أنت أمام كتاب الله وذكره تعالى الذي وصفه سبحانه بقوله : [ الذين آمنوا وتطمئنُ قلوبُهم بذكرِ الله ألا بذكرِ الله تطمئنُ القلوب ] الرعد :28 ، فهذه أول الحقائق التي تطالعنا وهي أن مبدأ الإطمئنان والثبات النفسي هو ذكر الله جل وعلا واللجوء له سبحانه وتعالى ، فالقرآن هو الذكر أيضاً بأبهى صوره ، وفي المقابل فإن الإبتعاد عن الذكر الإلهي هو سبب لتغلغل اليأس والهزيمة النفسية وغير النفسية ، يقول الحق تبارك وتعالى :[ ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ] الحشر : 19 ، فإننا أمام خيار مهم وهو أن يستمر إتصالنا مع الله سبحانه وتعالى دون انقطاع لأنه سببٌ مهم في بقاء الإطمئنان النفسي والثبات الذي من خلاله يكون الإنسان قوياً في حركته وتحقيق تطلعاته . ويقول تعالى في سياق خطابه الأعلى للمؤمنين في بدر بعد المدد الإلهي [ وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم ] الأنفال :10 ، وهنا نلاحظ أنه بعد أن يتمكن الإطمئنان القلبي والنفسي من المؤمن فإنه يصبح قريباً من نصر الله تعالى ، على أن الحقيقة التي يؤكدها هنا هي أنه لا نصر في واقعك أيها الإنسان سوى نصر الله لك ، وكل ماسوى حقيقة النصر الإلهي هي أوهام ( وما النصر إلا من عند الله ) بمعنى أنه من غيره تعالى لا يكون نصر لك أيها الإنسان المؤمن . إلى هنا حديثنا عن نفسية الإنسان المؤمن في صراعها وحركتها على أرض الواقع ولكن هناك مواجهات لهذه المؤمن الذي هيأه الله عبر برنامجه الذي فرضه عليه من خلال منظومة الدين من عباداتها ومعاملاتها حيث يفترض أن هذا المؤمن المهيأ للصراع بتهيئة وتنشئة إلهية وبرمجة لنظامه الحياتي قد أصبح مؤهلاً لأن يجني ثمار نشأته الإيمانية وتربيته الإسلامية في خضم صراعاته وعلى كل المستويات . - لماذا يخطئ من يبحث عن نصرٍ من غير الله تعالى ؟ نعم يخطئ من يبحث عنه من غير الله تعالى ، لأن الله سبحانه وتعالى في نظام الكون ومنظومته ، هو الواجب الذي يسبب الأسباب ويهيؤها ، طبقاً لنظام عدله ، وحكمته التي تتصرف في كل صغيرة وكبيرة في نظام الكون ، وإن كانت خلافاً لأهواء الناس ومخططاتهم ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فليس لهذا الإنسان قوة تذكر إلا وهي ممنوحة له ومسلوبة عنه ، فليس المرء هو عين القوة ومصدرها ، وإنما الإنسان يُمنح هذه المنحة فيقوى على الحركة وهو جنين في الشهر الرابع في بطن أمه وسط ظلمات الرحم ، ثم تزداد وتشتد حتى تبدأ بالتراخي وتسير نحو العدم ، حيث يبدأ الإنسان في حال الإحتضار سلب القوى الممنوحة له وهذه الحقائق يذكرها القرآن في حديثه عن الإنسان ، يقول الحق تبارك وتعالى : [الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير] الروم : 54 ، نعم هذه هي المعادلة الإلهية مع الإنسان ، يمنح الله له ثم يسلب عنه ، ضمن مراحل معينة من حياة الإنسان ، على أن الذي يمنح ويسلب يمتلك قوة لا تنضب ولا تتبدل ولا تبلى بل كل قوة وحركة صادرة من تلك القوة هي امتداد لقوته وقدرته فلذلك تتأكد لنا هذه الحقيقة العظيمة وهي أنه [ لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ] هذا الذكر الذي ورد في بعض الروايات أو الآثار أنه الإسم الأعظم ، هو سر من أسرار الله لا يعيه الكثير من الناس وإن لفظته أفواههم ، ولكنه في معادلة الصراع والحركة أمر يهيمن على الإنسان لينتقل من كونه مجرد ذكر لفظي إلى ذكر عملي لهذا الإنسان . ويقول العلامة السبزواري في منظومته : أزمةُ الأمور طراً بيده * والكلُ مستمدةٌ من مدده

فكيف يبحث الإنسان في مسيره وحركته عن قوة تمنحه النصر أياً كانت هذه القوة وأياً كان مصدرها ، فغير الله لا يعطيك نصراً لأن فاقد الشئ لا يعطيه ، إننا نثق بالله وبحكمته في إدارة نظام هذه الدنيا وإدارة أمورنا المسيرين والمخيرين فيها ، لذلك لانملك إلا أن نتوجه إليه في كل أمورنا وحياتنا وفي ختام هذا الحديث نسأله تعالى أن يمدنا بحوله وقوته إنه سميع مجيب ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم _ جزء من محاضرة ألقيت في شهر مارس 2011م _

الأحد، 6 فبراير 2011

الأشراف في القرن التاسع

تاريخ السادة الأشراف في البحرين ( الحلقة الخامسة )
_النقيب البحراني_ ( تتمة )
الحمد لله والصلاة على رسول الله ، وآله خير خلق الله وبعد : فقد انتهى بنا الحديث عن الكلام حول ذكر لنقيب تلقب بالبحراني وحول نسبه وهانحن نكمل الكلام عنه
الثاني : من الأسر الهاشمية التي لقبت بهذا اللقب ( العبيدلي) مع احتمالية التصحيف من العبيدلي إلى العبدلي ، وقد وقع هذا كثيراً في أعلام البحرين ، من القرن التاسع والعاشر الهجريين ، كما هو الحال في الشيخ داود بن أبي ( شافيز ) أو ( شافين ) أو ( شاهين ) وكإسم الشيخ حسين بن علي بن أبي ( سردال ) أو ( سروال ) ، أو كإسم الشيخ السيوري ، حينما صحفت ، وغيرها الكثير من الأمثلة ، والذي يقوي هذا الظن كون مسمّى العبيدلي وقع في السادة الأشراف ، والذين ينتهي نسبهم للإمام زين العابدين عليه السلام من طريق ابنه الحسين الأصغر ، وهو والد عبيد الله الأعرج ، ومنه سلالة العبيدليين ، ومنهم نقباء ونسابون أيضاً مثل ، شيخ الشرف العبيدلي والمتوفى في ( 435هـ) وهو أستاذ الشريفين الرضي والمرتضى ، واسمه محمد بن محمد ، وهو غير الشريف يحيى بن الحسن العقيقي العبيدلي صاحب كتاب المعقبين ، المتوفى في 277 هـ فإنه يلقب أيضاً بشيخ الشرف العبيدلي ، ومنهم أيضاً ، أحمد بن مهنا العبيدلي صاحب كتاب ( التذكرة في الأنساب المطهرة ) المتوفى في حدود 675 هـ ، والنسابة الأعرجي الكبير السيد جعفر صاحب ( مناهل الضرب ) من العبيدليين أيضاً ، فكلمة العبيدلي يمكن أن تكون رقماً لا يستهان به في عالم النسابين والأشراف ، هذا وقد قطن البحرين جماعة من العبيدليين من غير الهاشميين وأصولهم تعود لبر فارس منهم بالأمارات المتحدة وقطر والكويت وهم من العبادلة ، ولا يصح منهم نسب هاشمي وأربابهم لا يدعون النسب الهاشمي أيضاً .
هذا كله لو حملنا لقب العبدلي على النسب الهاشمي ، والرفاعي على أنه نسبة لمكان كما هو حال (الرفاع) منطقة من جزيرة البحرين ، أو نسبة للشيخ الرفاعي الكبير _ إلى طريقته _ كما هو الحال في الإنتساب لكثير من الصوفية والمذاهب السنية فينتسبون لمالك فيقال مالكي أو للشافعي أو الحنبلي وهذه النسبة شائعة عندهم ، كما ينتسب الصوفية منهم إلى الطريقة فيقال له الشاذلي طريقة ، أو الجيلاني ، أو الرفاعي بحسب انتمائهم للطريقة الصوفية والشيخ الذي تنسب إليه .

المستوى الثاني : إحتمال كون النسبة إلى الشيخ الرفاعي نسباً ، إلى جده رفاعة ، وبالتالي فيكون لقب العبدلي هو اللقب الأدنى واللقب الأعلى هو الرفاعي ، كما يقولون ( الموسوي الحسيني ) فالنسبة لموسى هي الأدنى والنسبة للحسين هي الأعلى وهذا متعارف في كتب الأنساب ومشجراتهم . أما من يكون العبدلي هذا فالله العالم ، سيما أن الإسم عبدلي يطلق على من ينتسب إلى شخص إسمه عبد الله ، وكذلك العبيدلي يطلق على من اسمه عبيد الله ، ولا أظن أن سلسلة الأنساب تخلو من هذين الإسمين ، فعلى هذا الإحتمال يكون العبدلي إسم أدنى في النسب ، والرفاعي إسم أعلى ، وسوف نتكلم عن السادة الرفاعية في البحرين في موضع الكلام إن شاء الله تعالى .
ومما يقوي الظن بكون هذا الشريف من السادة الرفاعيين أمران لا نغض الطرف عنهما :
1-وجود سلالة لهم استوطنت البحرين بقدوم آل خليفة ومنهم من سكن قطر من القرن العاشر . فهم قريبون من المنطقة التي كانت تسمى بالبحرين مجازاً في تلك الأزمنة . فلعل هذا السبب التصق لقب البحراني
2- وجود كتاب مطبوع لأحد أعلام الصوفية وهو: [ العبدلي الرفاعي محمد بن أحمد العبدلي البحريني الرفاعي (لباب المعاني في أخبار القطبين العظيمين الرفاعي والجيلاني) - (من شفاء صدور المؤمنين في هدم قواعد المبتدئين – لعله يريد المبتدعين _ ) بولاق 1307 عبد المجيد (أفندي) خيري ] [ ذكره هكذا معجم المطبوعات العربية / إلياس سركيس ج2 : 1299 ] ، ويبدو أنه من نفس السلالة أيضاً بقرينتي الرفاعي والعبدلي والبحراني التي تحولت للبحريني حتى يتم التخلص من لقب البحراني لدلالته على الشيعة وهوية التشيع في هذه المنطقة .
وخلاصة الكلام حول هذا النقيب :
1- أنه غير معرّف في المصادر ، ولعل وقوف الباحثين على المخطوطة يفتح أبواباً في التعرف على هذا الشريف بل ويفتح أبواباً في نسب الرفاعيين وتصحيحه ، وهو بذلك ينسف بحثنا الذي بنيناه على التكهنات لحين حصول المعلومات التامة الموثقة .
2- كونه (أوالي ) أيضاً شيء غير مجزوم به ، لكون الإسم يطلق على القطيف والأحساء وأوال ، وكون التصوف كحركة دينية انتشر في الأحساء والقطيف كما البحرين فالجزم بكونه بحراني بمعنى الأوالي محل نظر .
3- يظهر أنه على غير مذهب التشيع لعدة أسباب ، أهمها أن غالبية الأشراف الشيعة ينتسبون لأشرف الشرف في عمود السيادة وهم الأئمة الذين ينتمون إليهم فيقال حسيني أو موسوي أو رضوي ، وحتى لو انتسب لأحد آبائه أو قرية ما فإنه لا يترك الإنتساب للمعصوم فيقال مثلاً ، الأعرجي الحسيني أو الغريفي الموسوي ، أو الطباطبائي الحسني ، خصوصاً لو تأملنا في الألقاب الراجعة لتلك الحقبة التاريخية ، وأمر آخر وهو قرينة تضاف لما سبق أن رجلاً علماً مثل هذا وكونه نال نقابة الأشراف في البحرين أو القطيف أو الأحساء كيف لم يدون في الكتب الشيعية فهي قد رصدت من الرجالات من سبقوه ومن الأعلام من جاؤوا قبله فكيف تهمله على هذه الوجاهة إلا لكونه على غير مذهبهم وليراجع الباحث كتب التراجم الشيعية في القطيف والأحساء والبحرين ليرى هذا الأمر واضحاً .
وللحديث بقية
بشار العالي البحراني
في 1 ربيع الأول 1432هـ

الثلاثاء، 25 يناير 2011

السادة الأشراف في البحرين (الحلقة الرابعة)

(القرن التاسع)
نقابة الأشراف في البحرين
اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعلنا معهم ، في هذه الحلقة نتحدث عن نقابة للأشراف في البحرين ورصد تاريخها ومحاولة لإستكشاف بعض خفاياها نسأله تعالى المدد والعون إنه لطيف خبير ، والبحث في ضمن محاور عدة نتعرض لها بالتسلسل وهي :

المحور الأول : بدايات التكوين وأسبابه :

وقد حكمت الظروف نظراً لكثرة السادة والأشراف في البحرين سواء للبحرين بمعناها الأعم أو الأخص ، وسواء للأشراف من السنة أو الشيعة ، أن تكون لهم نقابة ، ولا أمتلك تفاصيل لهذا الأمر بشكل دقي إلا أن تواجد النقباء في البحرين _ بالمعنى الأعم _ كان من القرن السابع الهجري من خلال إقامات بعض النقباء ونزولهم وربما تشكيل تجمع هاشمي في بيئة تحتضن الكثير منهم ، فلو جمعنا القرائن التالية نرى أن وجود نقابة للأشراف والسادة هي تكوين طبيعي وحق إجتماعي فمن هذه القرائن :

1- قدم التشيع في البحرين ومحبتهم للمنتسبين للذرية العلوية ، حيث يمتد التشيع للقرون الهجرية الأولى على انه أقدم المذاهب في أوال بلا نزاع .
2- أدبيات تلك الفترة للمنطقة من مؤلفات وأشعار تنم عن المحبة القوية للذرية الطاهرة وهي باقية لليوم ‘ فيما ترى في المقابل على خارطة الإسلام نزعة عصبية ضد أهل البيت والأشراف حيث قتلوا وشرّدوا .
3- ماذكرناه سالفاً من تواجد للسلالات العلوية في البحرين ، بمعنى أنها أخذت بالنمو عبر قرون حتى القرن التاسع الهجري مما شكلت تركيبة لا يستهان بها من الناس في معدل النمو الطبيعي للإنسان .
4- الإهتمام الكبير لدى العرب بالأنساب سيما من هم في منطقة البحرين ، وهذا الأمر ملموس ليومنا هذا بين القبائل والعرب وحتى الشيعة في تلك الفترة بحسب بعض المنقولات والمؤلفات .

المصدر الذي اعتمدت عليه المعلومة :

ماجاء في كتاب (دوحة السلطان في النسب والنسب القاسمي ) من تأليف السيد حسين الحسيني الزرباطي _ معاصر _ وهو يعدد النسابين عبر القرون حين وصل للقرن التاسع فذكر مانصّه : [ تحت رقم / 196 : السيد علي أبو الحسن ، نقيب البحرين ابن السيد ماجد بن محمد العبدلي الرفاعي البحراني المتوفى سنة 848 للهجرة ] ، وقد قرأت في بعض المصادر أن له تأليفات في أنساب السادة الأشراف وهم ثلاثة كتب ، لم أظفر ، ولم أطلع على شئ منها إلا مجرد المعرفة بوجودها ، ولو أتيح لنا النظر فيها لربما وضعت الكثير من النقاط على الحروف في بحث مثل هذا البحث الذي نحن فيه عن تاريخ السادة الأشراف في البحرين ولربما فتحت معارف جديدة على التاريخ في المنطقة وبهذه السلالة المنتجبة . أما أسماء كتب الشريف العبدلي أو النقيب هذا فهي كالتالي :
1-(الزبدة فيما عليه من ذراري السبطين ) ، وكتاب 2-( العمدة أوعمدة الأحباب في الأنساب ) ، وكتاب 3- ( العدّة في المختار من الزبدة والعمدة ) ، ولا يخفى على المطلع على كتب الأنساب وبالذات العلوي والهاشمي منها هو اعتياد المؤلفين على تسطير أشجار أنسابهم والإعتناء بها لاتصالها بالشجرة المحمدية الكوثرية المباركة ، وبالتالي فأهمية هذا الكتاب على فرض وجوده تكمن في معرفة أصول السادة في البحرين . وهي مايشمل أوال ، القطيف ، الأحساء ، قطر ، وإن كانت البحرين في القرن التاسع أكثر ماتطلق على جزيرة أوال ، بل هناك مصادر أطلقت مسمى البحرين على أوال خاصة من قبل القرن التاسع ولربما كانت هذه قرينة يستفاد بها في بحثنا هنا والله تعالى العالم .على أننا نرى أن العلماء من القطيف أو الأحساء قل أن يستخدموا لقب البحراني بل أكثر استخدامهم لألقاب مناطقهم مثل الخطي أو القطيفي أو الحساوي و الأحسائي أو الهجري ، وغيرها ...ويكتفي الأوالي منهم إما بلقب الأوالي أو بإطلاق البحراني لينصرف الذهن للأوالي دون غيره وهو شائع في مصطلحات القرن التاسع والعاشر فما فوق ، وهذا بحث آخر نبحثه في مكان آخر إن شاء الله تعالى .
معنى النقابة والنقيب :
لكلمة نقيب معنيان لغوي واصطلاحي وبينهما رابط على أساسه انتقل المعنى إلى الإصطلاح ، وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى :[ولقد أخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً ] ، المائدة :12 ، والتي فسرت عند غالب المفسرين بالوجهاء ، والنخبة من القوم الذين لهم رأي وعلى هذا الأساس تم اختيارهم ، وقد اختار النبي من الأنصار إثني عشر نقيباً من قبيلتي الأوس والخزرج كانوا الصلة بينه وبين الأنصار عامة في إدارة شؤون الناس ، إلا أنه في أواخر زمن الدولة العباسية _ حوالي القرن الرابع الهجري _ قد أصبحت مسألة النقابة أو النقيب العلوي مصطلحاً رسمياً معترف به من قبل الدولة فالنقيب هو الزعيم الذي يعيّنه الخليفة لتولي نفقات قومه وإدارة أمورهم إدارياً ، وهو الوجه الذي يمثل تلك القبيلة من الناس والذي يحتكمون إليه فيهم فيكون أمره مسموع ومطاع رأيه ، والخلاصة كما تفهم من كتب التاريخ أن النقابة التي تكون عند الأشراف والسادة هي : [ نوع من الزعامة والرئاسة للأكفاء من الهاشميين حيث يتم تعينهم بشكل انتخابي أو نخبوي ، من عامة أبناء الذرية الهاشمية ، أو يعينهم السلطان ، ليكونوا وجهاءهم _ أي وجهاء الأشراف _ ومقدميهم ومتولي شؤونهم أمام الحكومات وغيرها مما يطلب فيه التمثيل والتقديم ] ، وتكون هذه السلطة الممنوحة في قبال سلطة رؤساء القبائل وشيوخ العشائر عند عامة الناس.
ويمكن أن نحدد هذا اللقب من الناحية التاريخية أنه كان زمن والد الشريف الرضي وهو السيد حسين بن موسى الموسوي من أعلام القرن الرابع الهجري ، وأخذها عنه ولداه الشريفان الرضي المتوفى في العام 406هـ والمرتضى المتوفى 436هـ .
هذا من ناحية اللقب كـ(مصطلح ) وإلا فإن وجاهة العلويين والهاشميين وتعيين المسؤول عنهم من قبل الحكومات كانت موجودة في القرن الهجري الأول فكان الخلفاء في الصدر الأول يواجهون علياً وبنيه خاصة الحسن والحسين فلا حاجة للمنصب هذا ، لكن بعد واقعة الطف وانتشار ذرية الإمام الحسن عليه السلام وذرية جعفر الطيار وبني العباس وذراري الهاشميين ، وذرية علي صار هناك من يتولى صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله من بني هاشم وعطاءهم وتقسيمه بين الخليفة وبينهم ، وإدارة شؤون أوقافهم التي توقف لهم من الخلفاء وأغنياء الهاشميين لتغنيهم عن ما في أيدي الناس لكون الصدقة عليهم حراماً ، فكان الخليفة يعين من يقوم بهذا الدور ، ومن أبرز الشخصيات التي برزت في ذلك الوقت هو زيد بن الحسن السبط ، وقد ذرف على التسعين كما في بعض المصادر ، ومن بعده ابنه الحسن بن زيد بن الحسن السبط والذي ولاه المنصور الدوانيقي على المدينة ، وغير ذلك من الشواهد التي تعبر عن امتداد هذه الوجاهة حتى أصبحت تعطى لقب النقابة ، في القرن الرابع الهجري . على أنني قرأت ماجاء في مقدمة من قدّم أو حقق لكتاب ( ابن طباطبا ) والموسوم بأبناء الإمام في مصر والشام جاء في المقدمة التي كتبها محمد بن نصار المقدسي ، أقوالاً أخرى نوجزها ، ويقال أن أول من تولى نقابة الأشراف هو النسابة الحسين بن أحمد المحدث من ذرية زيد الشهيد ، وقيل أول من تولاها هو إسماعيل بن الحسين بن أحمد والذي يلقب بالعفيف ، تولى نقابة الأشراف بالشام ولاه عليها الخليفة العباسي المقتدر بالله ، والله العالم بالصواب .
ماهي وظائف النقيب ؟
للنقيب عدة وظائف وهي بحسب الصلاحيات المعطاة إليه من قبل الخليفة أو الحاكم وهي مختلفة باختلاف الأزمنة وسعة هذه الصلاحية ، فقد كان الشريف الرضي له صلاحية في إقامة الحدود على خصوص السادة الأشراف حتى نقل أنه كان يضاعف التعزير عليهم لإنتهاكهم وعدم حفظهم قربهم من النبي صلى الله عليه وآله ، فيما تكون أحياناً النقابة مجرد وظيفة تشريفية لا يكون معها سلطة أو شئ من التنفيذ أو التشريع ، وباعتبار أن مسألة النقابة شئ مستحدث بعد زمن النص والتشريع فلذلك لم يتكلم الفقهاء في وظيفة النقيب أو واجباته إلا بالمقدار الذي يمس الفقه من جهة كيفية تحديد النسب وقبوله أو رفضه وفق الميزان الفقهي ، ومن خلال تتبع الكتب التي لها عناية بهذه الأمور نجد أن للنقيب مهام منها :

1- تولي شؤون الأشراف من أوقاف أُوقفت عليهم ، وإدارتها وغير ذلك ،
2- تمثيلهم أمام السلطات
3- رعاية شؤونهم بشكل عام
4- تسجيلهم _ الأشراف _ وإحصاؤهم في البلد التي يكون فيها النقيب مسلطاً ، ولذلك نجد أن أكثر النقباء هم من الناسبة لأن مادونوه إنما هو في دائرة وحدود بلدانهم . ثم أصبحت بعد ذلك مرجعاً للنسابين .
من هنا نعرف إن لقب ( نقيب ) معناه وجود تنظيم للسادة الأشراف وتتبع لمشجراتهم وأنسابهم في البحرين ، وهذه المعلومات توجد عند النقيب الذي ينقب عن أنساب الأشراف وربما ينفي أيضاً لمعرفته وإطلاعه ، وعلى هذا الأساس فوجود نقيب للسادة الأشراف في البحرين معناه وجود حصيلة معتد بها للسادة الأشراف في البحرين في ذلك القرن .

المحور الثاني : التعرف على شخصية النقيب وهويته :

حينما حاولت البحث عن شخصية نقيب الأشراف البحراني هذا وبدأت أفتح كتب الأنساب المعاصرة والقريبة حتى بحثت فيما يقارب من خمسة عشر مصدراً تعنى بهذا اللون من التراجم فإنني لم أفلح في الوقوف على ما يكشف لنا شخصية هذا النقيب فعمدت لمسألة جمع القرائن التي لا تكشف عن الأمر مطلقاً ولكن بشكل كبير ، على أنني آمل في يوم ما أن أوفق للوقوف على مصدر آخر أو قد يقوم باحث آخر باستكشاف هذه الحقيقة بشكل أكبر فتتكامل المعرفة التي نرجوها . وكانت المعطيات التي بين يدي هي : [السيد علي أبو الحسن ، نقيب البحرين ابن السيد ماجد بن محمد العبدلي الرفاعي البحراني المتوفى سنة 848 للهجرة ] وفيما يدور ضمن حدسي حول هذه الشخصية هو :
1- أن هذا السيد الجليل هو عالم دين لأن عادة التأليف للكتب لا تكون إلا من هذا الصنف من الناس ، سيما وأنه شئ تخصصي ، وانصراف عوام الناس عن الكتابة والتأليف في هذه الأزمنة فضلاً عن تلك الأزمنة .
2- كلمة (العبدلي) كلمة جديرة بالوقوف والتأمل لو نظرنا لها في علمي النسب ، والجغرافيا ، لأن اللقب يحتمل أن يأتي من هذين المدخلين ، ولأنها أطلقت على بعض المناطق كما هو الحال في الكويت ، والأردن في عمان ، وربما في بعض مناطق المملكة العربية السعودية ، إلا أن شيئاً من هذه التسميات المكانية لايخدم بحثنا لأن التاريخ الذي دون مع إسم هذه الشخصية متقدم على عبدلي الكويت ، وعبدلي الأردن ، وبعد التقصي هو متقدم على عبدلي ( السعودية ) فهنا نطمئن إلى أن لقب العبدلي الوارد مع إسم هذه الشخصية لا يشير إلى إسم مكان لوفور القرائن على ذلك . بقي النسب ، ومما نلاحظ أن العبدلي أطلقت على غير الهاشميين وهم خارجون عن بحثنا ولا يفيدنا التقصي كثيراً لأننا لا نريد أن يتشعب البحث ولذلك سنقتصر على الهاشميين الذين لقبوا بالعبدلي . وهي تنطبق على غصنين هاشميين :
الأول : العبادلة الذين ينتهون إلى الشريف عبد الله _ وهو سبب تسميتهم بالعبادلة _ الحسني الذي ينتهي نسبه إلى موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ، كان أمير مكة في العام 1040هـ ، وتمم بناء الكعبة ، ثم عزل نفسة من الإمرة لولده محمد وتوفي في العاشر من جمادى 1041هـ ، من عقبه تسعة أولاد ، والمعقبون منهم ستة ، وذراريهم المنتشرون في مكة ، والطائف ، ومصر ، والأردن ، والشام ، والعراق ، ومنهم ملوك العراق سابقاً ، وملوك الأردن حالياً . وبلا شك فإن صاحب الترجمة لا ينتمي لهذه السلالة لأنه متقدم ، ولقب العبدلي متأخر ، فكيف يأخذ المتقدم لقب المتأخر فلا شك في عدم انتمائه لهذه السلالة .
وللحديث بقية
بشار العالي البحراني