الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015


مقدمة لديوان ملا محمد ملا سعيد العرب
 
هذه مقدمة كتبتها لديوان ( زفرات الشجا ) للخطيب البارع الشاعر ملا سعيد العرب جزاه الله خيراً ووفقه الله لخدمة المنبر ، وحيث اشتملت على بعض الفوائد التاريخية فأحببت اثباتها هنا
 
تقديم الديوان
 
 
 

 

بين أيدينا تجربة شعرية لشاعر بحراني وهو صاحب الديوان هو الشاعر الخطيب ملا محمد بن ملا سعيد بن الشيخ عبدالله بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد العرب ، ولد في العام 1951م  ونشأ في بيئة علمية وأدبية تعشق الشعر وخدمة المنبر الحسيني ،  وفي أسرة لها إمتداد في خدمة أهل البيت عليهم السلام رجالاً ونساءاً .

 

فوالده المرحوم الورع المؤمن ملا سعيد العرب [ 1320 ه _  1421ه] أحد الخطباء والأدباء البارعين والمعدودين في قراءة التعزية في البحرين نشأ عليها منذ نعومة أظافره وتعاطاها ،  وله حضوره المؤثر في مجالس العزاء ، بجانب كونه أحد الأدباء والشعراء باللسانين الفصيح والدارج ، إلا أنه برع في الشعر الدارج او العامي وخصوصاً في مجال الرثاء وخلاصة تجربته أودعها في ديوانه ( ينبوعُ الشجاء وإسعاف الخطباء في رثاء محمد وآله النجباء ) المطبوع في جزئين ، ويعتبر الملا سعيد هو المنبع الأول الذي نهل منه خطيبنا وشاعرنا صاحب هذا الديوان . ولعل هذه النشأة في كنف الخطابة والأدب الرثائي والحسينيات كانت كفيلة أن تصقل شخصية شاعرنا الأدبية وترتفع بذوقه وجودة انتقائه للمفردات وهي إحدى مميزاته .

وهذا الإرث انتقل للملا سعيد من والده الخطيب الكبير الشهيد الشيخ عبد الله العرب _ جد شاعرنا _ الذي لازم المنبر حتى استشهاده وكان له صيت واسع في الخطابه ، وكانت له اهتمامات بالتاريخ والأدب والشعر إلا أن أكثر نتاجه قد ضاع للأسف منها مجموع فيه قصائد عدة استفاد منه المرحوم ملا عطية الجمري ،  وقد رأيت له مخطوطاً في مقتل الحسين عليه السلام ، ومما نظمه الشيخ عبدالله العرب هذه المقطوعة من مرثيته على مولاه الحسين عليه السلام  نقلنها للإفادة يقول فيها :

 

أفديهِ مبتعداً عن قعر منزلهِ   * من غير ماسببٍ منه ولاجُرمِ

أفديهِ ينتزعُ السهمَ المثلثَ من  * صدرٍ تقدّسَ من القلبُ في ضرمِ

أفديهِ يرنو إلى فسطاط نسوتهِ   * بالحزنِ خوفاً على الأيتامِ والحرمِ

أفديهِ والشمرُ جاثٍ فوقَ منكبهِ *  يحزُّ منهُ محيا المجدِ والكرمِ

فأظلمتْ بعدَهُ الأكوانُ وانصدعتْ  * شواهقُ المجدِ في حزنٍ وفي غممِ

وناحتْ الجنُ والأطيارُ في أسفٍ  * عليهِ وانسجمتْ عينُ الهدى بدمِ

والوحشُ طلّقت المرعى لمصرعهِ  * إذْ قد دهاها البلا بالفادحِ العممِ

لهفي له ثاوياً ملقى ملابسهُ *  في ثائرِ النقعِ أبرادٌ بلا لحمِ

لهفي لنسوتهِ الغراءِ إذ هجمت * أهلُ الضلالِ عليها داخلَ الخيمِ

فبينَ حاسرةٍ في المشي عاثرةٍ  * وبين من هي تلحى في سياطهم

وبين مثقلةٍ بالكربِ معولةٍ  * وجسمها قد بلي بالسقمِ والألمِ

تدعو بهِ وهو ملقىً لاحراكَ لهُ  * موزعُ الجسمِ بالهنديةِ الخذمِ

 

 

 

 كما انتجت هذه الأسرة أحد أعلام الفقه والفضيلة والأدب وهو العالم الكبير المقدس الشيخ محسن بن الشيخ عبد الله بن أحمد العرب [ 1306 ه_ 1356ه ] الذي أفاض بعلمه على جمع من طلبة العلوم الدينية في البحرين منهم المرحوم خطيب البحرين الأكبر وشاعرها الماهر الملا عطية بن علي الجمري ، والخطيب الملا سعيد العرب ، و العلامة المقدس الشيخ عبد المحسن الشهابي صاحب شرح السداد . كما نبغ من هذه الأسرة الخطيب والشاعر والباحث الأستاذ محمد جعفر بن الشيخ محسن العرب  [ 1932 _ 2012 ] .

كانت هذه النشأة في كنف الخطباء والعلماء كفيلة أن تُنبت في شخصية شاعرنا الملا محمد بن ملا سعيد نبتة الولاء والعشق للحسين وخدمة الحسين عليه السلام بجانب كونها أكسبته ذوقاً خاصاً ظهر في شعره ومفرداته وطفح في أخلاقياته الكريمة . فكان أول علاقة الملا محمد بالحسين عليه السلام أنه كان منشداً ورادوداً يقرأ القصائد الرثائية في مواكب العزاء ، ثم تدرج حتى بدأ بحفظ القصائد وارتقاء المنبر في حدود الثمانينات من القرن العشرين الميلادي . ويجدر بنا أن نشير أن هذه الأسرة انتجت عدداً من خطيبات المآتم الحسينية مازلن يمارسن هذه الخدمة في ربوع البحرين ونظمن الشعر والمراثي ، كما أن أبناء صاحب الديوان مالوا بفطرتهم لهذه الخدمة الحسينية وخدمة أهل البيت عليهم السلام وهم ، المرحوم الخطيب ملا حسن وكان لي صديقاً يطلب العلم ويرتقي المنبر وله اهتمام بجمع تراث آبائه وتراث المنبر الحسيني إلا أن يد المنون لم تمهله فوفد على ربه في عمر مبكر ، والشيخ الفاضل ميرزا وهو أحد طلبة العلوم الدينية في قم المقدسة ، والفاضل الخطيب الشيخ حسين وهو جامع ديوان أبيه وهو منشغل بطلب العلوم الدينية في البحرين وله ديوان شعر تحت الطبع ويتميز بخطابته وإجادته لأطوار التعزية البحرانية الحسينية وفقه الله تعالى ، والملا سعيد وهو مازال مبتدئاً في سلك المنبر الحسيني يرتقي المنبر وفقهم الله لمراضيه .

 

وأما عن مميزات شعره فيلاحظ من يتصفح ديوانه عدة أمور :

 

1-           إن شاعرنا هو خطيب ، وهذه ميزة تكفل حسن اختيار موضوع الأبيات وجودتها فالشاعر إذا كان خطيباً يكون اختياره أكثر دقة وأكثر اشباعاً لتطلعات الخطباء

2-           سلاسة العبائر وعدم التكلف في نظم الحوادث ، فتراه مسترسلاً بسجيته الفياضة ينتقل من صورة لصورة

3-           حفاظه على الطابع الرثائي البحراني المتوارث وتجد ذلك واضحاً في اختياره للكلمات التي يتداولها عامة أهل القرى البحرانية

4-           إهتمامه ببعض الجوانب والزوايا التي أهملها ولم ينظم فيها عمالقة الرثاء المنبري

ولذلك نجد الخطباء يحفظون من كتابه الذي طُبِعَ سابقاً لشعره واسمه ( نبذة من الأشعار )  ، وكذلك الرواديد الذين قرأوا من قصائده فوجدوها عذبةً بحب آل محمد صلى الله عليه وآله ، وشجيةً بنغمة الحزن الحسيني ، إلا أن القصائد قد أضاف عليها شاعرنا مقطوعات لم تنشر فكبُرَ حجم الديوان وصار لزاماً أن يُصاغ صياغة جديدة ويظهر في حلته القشيبة مع تغيير العنوان فصارَ بين أيدينا هذا الديوان ( زفرات الشجا ) وهو خلاصة تجربة الملا محمد بن ملا سعيد العرب ليكون له ذخراً إن شاء الله تعالى ، ويكون للخطباء ومحبي الأدب الحسيني منهلاً عذباً وشجياً . وأختمُ هنا بأبيات من العرفان بصاحب الشجا قلتها في الديوان وصاحبه الذي طالما نهلتُ منه أنا وغيري من الخطباء

 

طوبى لقلبٍ ضمَّ حبَّ محمدٍ   *  والآلِ لاحَ الوجدُ في جنباتهِ

وبكى وأبكى حيثُ فاضَ شعورهُ   * وزها بروعتهِ على نفحاتِهِ

كالجمرِ يلهبُ حزنهُ لمصيبةٍ  * تركت صداها المرَّ في آهاتهِ

وبدا الشجا ألمٌ يبوحُ بشعرهِ  * فلذاكَ صاغَ الشعرَ في زفراتهِ

 

 

بقلم

المتشرف بخدمة الحسين

بشار بن عبدالهادي العالي البحراني

في 5 ذي القعدة 1435 ه

الأحد، 30 أغسطس 2015


الحلقة الأولى : سلسلة رجالات المنامة

خطباء المنامة

مقدمة :

هذه سلسلة من الحلقات أود تسجيلها لتكون موثقة ومحفوظة للمهتمين بالتاريخ بخصوص تاريخ المنامة ورجالاتها وشخصياتها التي تركت أثراً مهماً في صناعة هذا الجزء الحيوي والمهم من بحريننا الغالية وبداية هذه السلسلة نحاول إحصاء خطباء المنامة ، والمراد بالخطباء هم خطباء المنبر الحسيني الذين كانوا يمارسون الخطابة الحسينية البحرانية حيث أثمرت هذه الأصوات على مدى حقب طويلة بحفظ تراث أهل البيت عليهم السلام وحفظ رواياتهم وكذلك بث الوعي الديني بين أفراد المجتمع ..

وقد حفزني على البحث حول الخطباء الأخوة في مسجد ( عتيق علي ) حيث أفردوا محاضرة خاصة بتوثيق خطباء المنامة دعيت لإلقائها ، فجزاهم الله خير الجزاء وكانت هذه حصيلة المحاضرة وخلاصتها :-

 

1-         ملا محمد العريّض البحراني : يرجح أنه في القرن الثالث عشر الهجري ، عادة يذكر ولده الشيخ علي بن ملا محمد العريض البحراني كما في منتظم الدرين ، حيث له مراسلات مع الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي نقلت في كتاب جوامع الكلم . والشيخ علي هو الجد الأعلى لعموم عائلة العريض في البحرين ، يرجح أن هذه الأسرة هاجرت من نجد للعراق ومنها للبحرين ، واشتغل أكثر أهلها بالتجارة وخصوصاً تجارة اللؤلؤ . أما الملا محمد فلا توجد عنه معلومات أكثر من ذلك وكونه من الخطباء وقراء التعزية .

2-         ملا علي بن احمد بن حسين آل حميدان البحراني : يحتمل أنه ولد في أواخر القرن الثالث عشر الهجري وتوفي في القرن الرابع عشر ، وهو والد الخطيب المعروف شيخ محمد علي الآتية ترجمته ، وهي أسرة معروفة من أسر المنامة ، وفي الترجمة التي كتبها ملا جواد عن والده شيخ محمد علي في كتاب اللآلئ الزاهرة ذكر أن شيخ محمد علي أخذ مبادئ الخطابة عن أبيه مما يدلل أن الحاج علي هو أيضاً كان ممن يتعاطى الخطابة ولكن للأسف لاتتوفر معلومات كثيرة عن خطابته . المصدر :[ منتظم الدرين ، جوامع الكلم ]

3-         ملا إبراهيم بن عباس بن حمد المخلوق( المنامي) البحراني ، يرجع نسبه لأسرة منامية وقد عاش فترة من حياته في جزيرة سترة مهزة ، وامتهن تجارة اللؤلؤ ، تعلم في المدارس والحوزات المتوفرة في البحرين ، توفي وعمره ستون عاماً تقريباً ، ودفن في سترة مهزة ، كانت وفاته سنة 1953 م . المصدر : [ راحلو المنبر الحسيني ] .

4-         ملا سلمان البقالي المنامي البحراني : من أسرة البقالي المعروفة والتي تنتشر بين المنامة وجدحفص وهي أسرة بحرانية لها إمتداد في الخليج وقطر ودبي ، ومنهم الحاج خلف البقالي مؤسس مأتم بن خلف في المنامة ، ذكر هذا الخطيب في كتاب اللآلئ الزاهرة ضمن أساتذة الشيخ محمد علي حميدان الذين أخذ عنهم الخطابة ولاتتوفر لدينا معلومات أكثر عن شخصيته فعلى من لديه معلومات أن يفيدنا بها . المصدر : [  ديوان اللآلئ الزاهرة ] .

5-         الخطيب ملا علي بن عبدالله القيدوم : من أسرة القيدوم المعروفة توفي في 18 ربيع الثاني سنة 1333ه الموافق 5 مارس سنة 1915م ، قرأ في مأتم مدن لسنوات طويلة وكانت له شهرة واسعة في مجال الخطابة . وأتمنى ممن تتوفر لديهم معلومات أن يزودونا بها .

6-         الشيخ محمد علي بن علي بن أحمد بن حسين آل حميدان المنامي البحراني : شاعر وأديب مفوه باللسانين الفصيح والعامي ، وعالم دين ، وقاض معروف ، وخطيب له مدرسة في فن الخطابة ، تمتد لمدرسة الخطيب المعروف ملا علي بن فايز ، كما كان متميزاً بأداء بعض الأطوار القديمة التي تأتي على منوال أهل الغوص وما يُعرف بالجنّازي . ولد في العام 1901 م ، وتوفي في العام 1954 م ، ودفن في مقبرة المنامة ترك ديواناً من الشعر العامي المنبري جمعه ابنه ملا جواد حميدان بعد وفاة أبيه وله ذرية معروفة . [ أعلام الثقافة ، ديوان اللآلئ الزاهرة ، ديوان خطباء البحرين ] .

7-         ملا علي بن سالم صنقور المنامي : وأسرة صنقور أبناء عمومة مع أسرة بن سلوم وغزوان ، أحد أشهر فرسان الخطابة الحسينية في البحرين فاقت شهرته حدود المنامة وامتاز بصوته الجهوري وطرقه الخاصة في قراءة الأطوار والتعزية ، وفاته في 11 رجب سنة 1386ه الموافق 26 أكتوبر 1966 م . وله ذرية .

8-         ملا عبدالحسين بن علي بن أحمد بن حسين آل حميدان المنامي البحراني ، وهو أخ الشيخ محمد علي السابق ، وكان مشتغلاً بالتجارة إلى جانب كونه خطيباً ولكن شهرة أخيه فاقت عليه ، لايحضرني تاريخ وفاته ، وله ذرية وبنت نهجت نهج آبائها في فنون الخطابة النسائية وهي أم علاء ( معصومة ) حفظها الله .

9-         ملا حسن بن حاج علي بن شيخ عبدالله بن شيخ حسين بن شيخ محمد بن شيخ عبد النبي بن شيخ محمد آل ماجد الشهير بــ(ديك العرش ) ويعرف بديك العرش لقوة صوته حيث كان يصل صوته لمدى واسع ، أصل هذه الأسرة من البلاد القديم وهاجروا للمنامة ، وولد ملا حسن في البلاد القديم سنة 1317 ه أو سنة 1897م  ، وهو خطيب وشاعر باللسانين الفصيح والعامي ، له ديوانا شعر طبع الأول بمساعي الدكتور سالم النويدري ، ولم يزل الثاني مخطوطاً تتلمذ عند الشيخ عبدالله العرب وأخذ عنه فنون الخطابة المنبرية ، عمل ملا حسن كاتباً للقضاة في المحكمة الشرعية ، وقرأ لسنوات طويلة في مأتم مدن بالمنامة ومأتم أبو عقلين ، وغيرها من المآتم ، وكان يشارك بإلقاء القصائد في مواليد الأئمة والاحتفالات الدينية ، توفي بالمنامة في 11 جمادى الثانية 1403 ه الموافق 26 مارس سنة 1983م . المصادر : [ ديوان ديك العرش ، أعلام الثقافة ، راحلو المنبر ] .

10-  ملا / شيخ علي بن عبدالمجيد بن عبدالله بن رضي المنامي البحراني ، ولد في العام 1935 م وتتلمذ في الخطابة على يد الشيخ محمد علي حميدان ، كما طلب العلم ودرس الفقه وتقلد العمامة أواخر حياته ، وكانت له شهرة واسعة في المنامة وله مريدوه ويمتاز بصوت جهوري وهو شاعر باللسانين الفصيح والعامي ، وله قصائد في الإمام الخميني والثورة الإسلامية في إيران نالت شهرة واسعة ورددها المعزون ، كما جمع له ديوان مكون من ثلاثة أجزاء في مراثي الحسين ، توفي في سنة 1981م ومن تلامذته الشيخ سعيد البحراني . [ راحلو المنبر ] .

11-   ملا جواد بن الشيخ محمد علي بن علي بن أحمد بن حسين آل حميدان المنامي البحراني : خطيب ، وشاعر باللسانين الفصيح والعامي ، ولد في المنامة سنة 1936 م ، اشتهر بخطابته وصوته الجهوري ، تتلمذ على يدي والده هو ورفيق دربه ملا علي بن رضي وكان الشيخ محمد علي حميدان يصطحبهما معه فيقفان عن يمينه وشماله يصدحان معه في قراءة المراثي والأبيات كما هو متعارف في ذلك الزمان . اشتهر ملا جواد بأداء اللطميات التي كان يؤلفها وكان يكثر من قراءتها حتى في غير موسم محرم حتى كانت نتاجاً مثمراً طبعت في ديوان تحت عنوان ( اللؤلؤ والمرجان ) ، وكان خطيب المنامة الشهير وذاع صيته في كثير من قرى البحرين ونال شهرة في دول الخليج العربي وفي الكويت ، له ذرية مباركة . وافته المنية في 29 جمادى الأولى سنة 1405ه ، الموافق 20 فبراير سنة 1985م وكان تشييعه مهيباً ، ودفن بمقبرة المنامة . المصادر : [ راحلو المنبر ، ديوان اللؤلؤ والمرجان ] .

12-   ملا حبيب بن عبدالحسين بن محمد الشراخي : خطيب باللغة العربية ،  والأردو  ، والفارسية ، تلقى تعليمه في الهند وكان من مدرسي المدرسة الإيرانية في المنامة ، ولد في العام 1929م ، وشجعه على الخطابة سيد جعفر آغا الموسوي وسيد ذبيح الله رحمة الله عليهما ، له إجازة خطية من السيد إبراهيم الشيرازي في تبليغ الأحكام الشرعية وتبليغ الدين . توفي ملا حبيب في العام 1983م وله أربعة أولاد وثلاث بنات . المصادر : [ ورقة بخط ولده ] .

13-   الخطيب ملا أحمد بن حسن البصري : ثقة الشيخ خلف العصفور وأحد الذين لازموه ملازمة الظل ، وكان يأخذ وكالات الزواج والعقود للشيخ خلف رحمه الله ، امتازت خطابته بنقل روايات أهل البيت كما استفاد من ملازمة الشيخ خلف العصفور كثيراً وترك ذلك أثراً على مستواه الفكري ، توفي في 17 رمضان سنة 1403 ه الموافق 27 يوليو 1983 م .  المصدر : [ مقابلات شفوية ] .

14-   الخطيب ملا محمد بن إبراهيم النوخذا : لم تتوفر لدي معلومات دقيقة عنه سوى معلومات سماعية  وكونه من الخطباء . واتمنى أن يزودني المهتمون بها . كانت وفاته 17 ربيع الأول سنة 1365 ه الموافق 9 صفر سنة 1946 م .

15-   ملا عبدالله بن حسين بن أحمد بن إبراهيم القاري المنامي البحراني ، أحد خطباء المنامة المعروفين ، أخذ الخطابة على يد ملا حسن بن الشيخ ديك العرش ، وهو شاعر له ديوان باللهجة الدارجة ، ذكره الناصري في ديوان خطباء البحرين . ولد في المنامة سنة 1906 م وتوفي سنة 1984 م . [ ديوان خطباء البحرين ] .

16-   ملا عبد الكريم بن ملا حسين بن شبيب بن محمد بن عبدالله بن عبدالنبي آل تميم الشبيبي : خطيب وشاعر باللسانين العربي والدارج  ، ولد في أم الحمام بالقطيف عام 1332 ه الموافق سنة 1913م ، حيث يعود نسبه لها ، وأخذ الخطابة من أبيه ومن الشيخ عبدالحي بن منصور آل مرهون ، وانتقل للبحرين وعاش بها وعرفته اكثر مآتم البحرين في زمنه ومآتم المنامة ، توفي في 20 يوليو 1975م  ودفن في مقبرة الحورة بالمنامة ، له ديوان غير مطبوع ونقل الناصري بعض قصائده في ديوان خطباء البحرين . المصادر : [ ديوان خطباء البحرين ] .

17-   شيخ / ملا محمد علي بن ناصر بن محمد بن يوسف بن عبدالمهدي بن عبدالنبي الصفار ، الشهير بــ( الناصري ) ، باحث ومؤرخ ، وخطيب وشاعر باللسانين الفصيح والدارج ، ومهتم بتاريخ البحرين وتراثها الفكري ودون الكثير من تراثها وتراث أدبائها والمندثر من تاريخها ، ولد في المنامة جمادى الثانية سنة 1338ه الموافق 1920م ، أخذ العلم عن شيخ محمد علي آل حميدان ، والشيخ عبدالله آل طعان والسيد علوي الغريفي . وفي الخطابة لازم المرحوم ملا عطية بن علي الجمري فاستفاد كثيراً منه وهو أحد الذين جمعوا ديوان الجمرات الودية . مارس الخطابة طويلاً لمدة تصل ستين عاماً ، في البحرين والعراق وبعض دول الخليج ، كما امتاز بإجادته للأطوار البحرانية وحفظ الكثير منها عن الإندراس وتسجيلها ، وكتب في كل فنون الشعر تقريباً . امتاز كذلك بمدائح وجلوات مواليد الأئمة عليهم السلام . له ديوان نصرة الناصري حوالي أربعة أجزاء وغيرها من المؤلفات الشيقة . توفي في 17 ديسمبر 1999م  من سنة 1420 ه ودفن في مقبرة الحورة بالمنامة .

18-   العلامة الشيخ أحمد بن الشيخ خلف آل عصفور : عالم دين ، خطيب حسيني ، شاعر باللسانين العربي والدارج ولكنه مقل من الشعر ، قاض معروف ، إمام جمعة وجماعة . ولد في دار كليب حيث عاش والده هناك فترة من حياته سنة 1920م الموافق 1338ه ، فارس المنبر الأول بلا منازع وعميد المنبر الحسيني والخطابة البحرانية  ، تعلم الخطابة عند الشيخ محمد علي آل حميدان والفقه وعلوم الدين عند الشيخ إبراهيم آل مبارك وغيره من أعلام النجف الأشرف ، عاش شطراً من حياته في المنامة وساهم في إثراء الحركة الفكرية فيها عبر المكتبة التي أسسها والتي حوت أمهات المصادر العلمية كما كان خطيباً في مآتم المنامة لسنوات طويلة في مأتم مدن وبن رجب وبن سلوم وغيرها توفي رحمة الله عليه في 18 ذي الحجة 1435 ه الموافق لسنة 2015م ودفن في رقية عالي بجوار أستاذه الشيخ إبراهيم المبارك .

 

 

 

الخميس، 8 يناير 2015

أهالي البحرين وإحياء ذكرى مقتل النبي يحيى

أهل البحرين وذكرى مقتل النبي يحيى



تقديم :

من الظواهر التي تتفرد بها جزيرة البحرين وربما بعض البحارنة المهاجرين للقطيف والأحساء إحياء مناسبة ( مقتل النبي يحيى بن زكريا ) ونحاول في هذه الدراسة أن نبحث عن هذه الظاهرة وكيف أصبحت ضمن شعائر أهل البحرين . على أننا يمكن أن نؤرخ لها أنها كانت بعد القرن الحادي عشر الهجري حيث لم نجد من كتب وألف في هذه المناسبة قبل هذا القرن بحسب ما لدينا من مخطوطات

مقدمة حول حياة نبي الله يحيى (ع) :

هو أحد أنبياء الله تعالى ، نقلت الروايات كثيراً عن زهده وعبادته وتركه للدنيا ، وقد عاصر نبي الله عيسى المسيح ابن مريم عليه السلام ، وبينهما علاقة نسب يمكننا إيجازها بما يلي :
تزوج عمران والد مريم بـ( حنة ) فأنجبا مريم عليها السلام . وأما نبي الله زكريا فتزوج من إمرأة اسمها ( إيشاع ) وهي أم النبي يحيى عليه السلام ، والمصادر تختلف على قولين (1) هل أن  (حنة) و (إيشاع)  كانتا اختين . (2) أم أن ( إيشاع ) أم يحيى كانت أختاً لمريم فتكون بذلك بنتاً لعمران والد مريم . فيكون على هذا القول الأخير يحيى وعيسى أبنا خالة حقيقة . والله العالم بحقائق الأمور .
في القرآن الكريم إسمه يحيى يقول تعالى : ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا ) ، وفي التراث الصابئي يطلقون عليه النبي يهيا يهانا ويسمونه كذلك يحيى كالتسمية العربية ، أما في التراث النصراني يطلقون عليه ( القديس يوحنا المعمدان ) ، وقصته مذكورة في كتاب قصص الأنبياء لنعمة الله الجزائري ننقل بعضاً منها فيما يخص مقتله فمنا يمكننا تكوين الفكرة .
نقل عن قصص الراوندي عنه ( ع ) قال : إن ملكاً كان على عهد يحيى بن زكريا ( ع ) لم يكفه ما كان عليه من الطروقة حتى ينال امرأة بغيا فكانت تأتيه حتى أسنت فلما أسنت هيأت ابنتها ثم قالت لها إني أريد أن آتي بك الملك فإذا واقعك فيسأل ما حاجتك فقولي حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا فلما واقعها سألها عن حاجتها فقالت قتل يحيى بن زكريا فبعث إلى يحيى ( ع ) فجاؤا به فدعا بطشت فذبحه فيها وصبوه على الأرض فيرتفع الدم ويعلو فأقبل الناس يطرحون عليه التراب فيعلو عليه الدم حتى صار تلا عظيما ومضى ذلك القرن فلما كان من أمر بختنصر ما كان رأى ذلك الدم فسأل عنه فلم يجد أحدا يعرفه حتى دل على شيخ كبير فسأله فقال أخبرني أبي عن جدي أنه كان من قصة يحيى بن زكريا ( ع ) كذا كذا وقص عليه القصة والدم دمه فقال بختنصر لا جرم لأقتلن عليه حتى يسكن فقتل عليه سبعين ألفا فلما وافى عليه سكن الدم وفيه ، أبي عبد الله أن الله عز وجل إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه وإذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه ولقد انتصر ليحيى بن زكريا ببختنصر .
وفي خبر آخر : أن عيسى ابن مريم ( ع ) بعث يحيى بن زكريا ( ع ) في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس وينهونهم عن نكاح ابنة الأخت قال وكان لملكهم ابنة أخت تعجبه وكان يريد أن يتزوجها فلما بلغ أمها أن يحيى نهى مثل هذا النكاح أدخلت ابنتها على الملك مزينة فلما رآها سألها عن حاجتها قالت حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا فقال سليني غير هذا فقالت لا أسألك غير هذا فلما أبت دعا بطشت ودعا يحيى فذبحه فبدرت قطرة من دمه فوقعت على الأرض فلم تزل تعلو حتى بعث الله بختنصر عليهم فقتل منهم سبعين ألفا حتى سكن .
وهاتان الروايتان وإن كانتا تعانيان من بعض الإضطراب إلا أن هذا هو الموجود في تراثنا الروائي ، وإلا فالقرآن الكريم لم يذكر قصة مقتل يحيى عليه السلام .

ديانة الصابئة ونبي الله يحيى :

هناك ديانة يدعي أصحابها أنهم أتباع نبي الله يحيى (ع) ويدعون وجود كتاب مقدس منزل من قبل الله تعالى عليهم يسمونه ( كنزا ربا ) أو الكنز العظيم ، وهم المعروفون بالصابئة ويطلق عليهم في اللهجة العراقية العامة ( الصبَّة ) ينتشرون في جنوب إيران والأهواز والعراق ولهم عباداتهم وطقوسهم التي ربما كانت قريبة في بعض ظواهرها من العبادات والمثل الإسلامية ، ولفقهاء التشيع في زماننا آراء حول هذه الديانة . حيث ذهب المرجع الكبير السيد السيستاني لعدم اعتبارهم من أهل الكتاب ، بينما يذهب المرجع السيد علي الخامنئي لإعتبارهم من أهل الكتاب وتجري عليهم أحكام أهل الكتاب من ناحية الطهارة من عدمها وكذلك في الأنكحة ، وقد ألف سماحة السيد الخامنئي رسالة خاصة حول الصابئة أثبت فيها رأيه الفقهي واستدلاله في اعتباره إياهم من أهل الكتاب .
أقول : هل للبعد الجغرافي بين خارطة جنوب إيران أو الأهواز والعراق والبحرين علاقة بانتقال هذه الديانة وتراثها إلينا !؟ خصوصاً أنه انتقل جماعة من الصابئة يبدو أنهم من أهل العراق للبحرين وسكنوا المنامة ، ولكن يبدو من الوثائق أن من كتب وألف حول وفاة يحيى (ع) كانوا سابقين لسكنى الصابئة في البحرين بحسب مالدينا من الوثائق إلا أن يكون منهم من عاش قبل ذلك ولا نعلم عنهم . هذا إذا لاحظنا أن التراث الشعبي يتأثر بكثير من العوامل التي لابد أن نلاحظها خلال بحثنا عن جزئية ما .  

المصادر التي حددت تاريخ وفاته :

لم أجد من المصادر مصدراً اهتم بتوثيق تاريخ حياة نبي الله يحيى عليه السلام إلا ماهو موجود في تراث الصابئة حيث يحتفلون باليوم الذهبي وهو يوم تعميد النبي يحيى وهذا اليوم يعتبرونه من الأيام المقدسة ويقيمون فيه طقوساً معينة ويصادف يوم التعميد 20 من أيار /  (  مايو ) ، وهو كما تلاحظ مثبت بالتاريخ الميلادي . كما يثبتون يوم مولد نبي الله يحيى عليه السلام بحسب التقويم  24 / 6 ( شهر يوليو ) ، ولا أعلم هل هو يوم ثابت في تقويمهم . وفي نفس التقويم المندائي 29 / 8 ( أغسطس ) يذكرون أنه عرجت فيه روح النبي يحيى إلى السماء .  ويبدو واضحاً من مراجعة التقويم المندائي أن أشهرهم  (الرومية) غير متطابقة تماماً مع الأشهر الميلادية في السنة الميلادية بل هناك خلاف في الأيام بين السنتين .
وقد تفردت مخطوطة الشيخ حسين العصفور بذكر تاريخ السابع والعشرين من شهر صفر على أنه يوم مقتل نبي الله يحيى ولم يذكر مصدره (قدس سره ) كعادته في ذكر مصادر كل معلومة . والله العالم

إحتمالات جذور هذه العادة :


الإحتمال الأول : كون أهل البحرين اعتادوا على إحياء جميع المناسبات التي لها علاقة بالدين سواء من تراث الأنبياء أو مناسبات نبي الإسلام أو أهل البيت عليهم السلام وذلك لشدة تدينهم وتمسكهم بالروايات والأخبار المروية ويعرف إحياء هذه المناسبات بالـــ( مياقيت ) ، ومما وجدته في بقية تراث أعلام البحرين والمنطقة مثلاً ( وفاة آدم ) وتقرأ في بداية شهر صفر ولكنها اندثرت ، و كذلك (وفاة مريم بنت عمران)  ومازالوا يواضبون على إحيائها ، ( مولد نبي الله إسماعيل )  عليه السلام ، وقد اندثرت ، ومنها ماتبقى ليومنا مثل بعض الحوادث المهمة في حياة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله ، ( المعراج ) ، ( المباهلة ) ، ( مولد النبي محمد) ،  ( زواج النبي محمد ) . فلعل مقتل النبي يحيى عليه السلام بقي لبعض مميزاته كما سيأتي واندثر غيره .
وسبب هذه الظاهرة من اهتمامهم بهذه المناسبات ربما كانت محاولة لسد فراغهم في أوقات الراحة وهي من باب الترويح  في تلك الأزمنة بدل إدخال حكايات القصاصين الخيالية التي كان لها انتشار في كثير من الحواضر الإسلامية ، فكانوا يستعيضون عن كل ذلك بابتكار مياقيت وتواريخ للأنبياء ويهتمون بقراءة ماهو مروي في كتب سير الأنبياء عليهم السلام ، واستغراق جميع مناسبات الأئمة عليهم السلام ، بل وربما زادوا عليها مثلاً ( التصدق بالخاتم ) ، ( رجوع حرم الحسين للمدينة ) ، ( أربعين الإمام علي ) ، ( ذكرى الهجوم على دار الزهراء ) . وغيرها من المناسبات المروية في كتبنا ومصادرنا سواء كانت مروية مع ذكر تاريخها أم مروية بدون ذكر تاريخها فكانوا يجعلون لها تاريخاً ويدرجونها مع بقية المياقيت . فكان من ضمن هذه المناسبات في ذكرى الأنبياء مقتل نبي الله يحيى عليه السلام .
الإحتمال الثاني : التشابه بين نبي الله يحيى (ع) وبين الإمام الحسين (ع) وهذا التشابه جعلوا منه مدخلاً لذكر الحسين عليه السلام حيث كانت مجالس الإمام الحسين قائمة في جزيرة أوال ليلاً ونهاراً طوال العام منذ مئات السنين وكانوا يوقفون عليها الأوقاف لكي لاتنقطع ، ومع كثرة النذور لهذه المناسبة استمرت وطلبوا من العلماء التأليف فيها فكتب العلماء مؤلفاتهم حول هذه الحادثة وتناقلوها .
ووجه الشبه بين نبي الله يحيى عليه السلام وبين الإمام الحسين عليه السلام عدة أمور يمكن أن نحصرها بعشرة أمور :
1-           تشابه الحسين ويحيى عليهما السلام في مدة الحمل بحسب الروايات
2-           كلاهما سُمي بإسم لم يسبق لأحد أن تسمى به ( لم نجعل له من قبل سميا ) وهناك رواية أن إسمي الحسن والحسين قد حجبا عن الناس
3-           كلاهما كانت حركتهما لإعلاء كلمة الله وحفظ الشريعة الإلهية ، وهي فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
4-           كلاهما واجها حكَّام وملوك عصرهما بكلمة الحق .
5-           كلاهما كان مكلفاً من موقعه كنبي وإمام معصوم .
6-           كلاهما قُتلا بأمر من ملوك زمانهم .
7-           كلاهما قُطِعَ رأسيهُما .
8-           كلاهما أهدي رأسه لملك زمانه .
9-           كلاهما أمطرت السماء يوم قتله دماً .
10-     إحمرار السماء عند قتل يحيى وقتل الحسين عليه السلام .
11-     قاتل نبي الله يحيى وقاتل الإمام الحسين لم يسلم نسبه من دناءة
12-     كثرة ذكر الإمام الحسين لنبي الله يحيى عليه السلام .

ويؤيد ذلك مجموعة من الروايات الواردة في الكتب والمصادر الشيعية المعتبرة وقد أشارت بعضها لهذه المقارنات نذكر منها :
-      ماروي في كتاب( كتاب الإحتجاج ) ونقله الجزائري في قصص الأنبياء سأل سعد بن عبد الله القائم ( ع ) عن تأويل  ( كهيعص ) فقال عليه السّلام هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع عليها عبده ثم قصها على محمد ( ص ) وذلك أن زكريا ( ع ) سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط الله عليه جبرئيل فعلمه إياها فكان زكريا إذا ذكر محمدا ( ص ) وعليا وفاطمة والحسن ( ع ) انكشف عنه وانجلى كربه وإذا ذكر الحسين ( ع ) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة يعني الزفير وتتابع النفس فقال عليه السّلام ذات يوم إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرت الحسين ( ع ) تدمع عيني وتثور زفرتي فأنبأه الله تعالى عن قصته فقال : ( كهيعص ) فالكاف اسم كربلاء والهاء هلاك العترة والياء يزيد وهو ظالم الحسين ( ع ) والعين عطشه والصاد صبره فلما سمع ذلك زكريا ( ع ) لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيهن الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه ويقول إلهي أتفجع خير خلقك بولده إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه إلهي أتلبس علياً وفاطمة ثياب هذه المصيبة إلهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتها ثم كان يقول إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم أفجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده فرزقه الله يحيى ( ع ) وفجعه به وكان حمل يحيى ( ع ) ستة أشهر وحمل الحسين ( ع ) كذلك .

_  مارواه في كتاب كامل الزيارات بسنده عن فرقد  قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : كان الذي قتل الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ولد زنا ، والذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا ، وقال : احمرت السماء حين قتل الحسين بن علي سنة ، ثم قال : بكت السماء والأرض على الحسين بن علي وعلى يحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها . [ ص : 188 ، الحديث 27 ، الباب : 28 ] .
_  ماذكره في عوالي اللئالي وغيره من المصادر المعتبرة : وروي ان الحسين ( عليه السلام ) لما خرج من مكة متوجها إلى العراق لم يجلس مجلسا الا وذكر يحيى بن زكريا ، وكان دائما في طريقه يقول : ( ومن هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا أهدى إلى بغى من بغايا بني إسرائيل ، فما زال يردد ذلك حتى نزل بكربلا ) . [ ج4 : 80 ] .
_ ومارواه ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ، عن زرارة بن أعين عن الصادق ( ع ) قال : بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي أربعين صباحا ولم تبك إلا عليهما ، قلت : فما بكاؤها ؟ قال : كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء .
وفيه أسامة بن شبيب بإسناده عن أم سليم قالت : لما قتل الحسين مطرت السماء مطراً كالدم احمرت منه البيوت والحيطان . وروى قريباً من ذلك في الإبانة .  [ مناقب آل أبي طالب ج3 : 212 ] .
أقول : وذكر العلامة البارع الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتاب الذريعة عند ما ذكر كتاب الشيخ حسين العصفور حول وفاة يحيى ما يفيد هذا الإستنتاج فقال مانصه [ وتطبيق شهادته مع شهادة الحسين ] إلا أنه كان متردداً في نسبته للشيخ واحتمل نسبته للناسخ وهو الشيخ علي بن إبراهيم بن الحسن البوري تلميذ الشيخ حسين العصفور .
 ولم يوفق في هذا الاستنتاج لأن في البحرين من النسخ الخطية ماتنسبه للشيخ حسين وليس لتلميذه . والحاصل : فيتضح أن الكتاب نُسج على منوال المقارنة بين المصيبتين .
ويبدو أن هذا الإحتمال هو أقرب الإحتمالات للواقع في اختيار قصة نبي الله يحيى وتاريخه لكونه بوابة لذكر مصيبة أبي عبدالله الحسين فاختاروها بعناية وحاولوا البحث عن تاريخها وتعاهدوها لكونها متشابهة مع مصيبة الحسين وهم يحيون ذكر الإمام الحسين طوال العام .
أو انهم احتملوا من خلال الروايات المتقدمة اقتران مصيبتهما فجعلهم يهتمون بهذه المصيبة وفداحتها والله تعالى العالم بحقائق الأمور .
الإحتمال الثالث : أن هذه العادة انتقلت من التراث النصراني حيث كانت البحرين على الديانة النصرانية ، فهل كانت هذه المناسبة من الإرث القديم وهذا ما لا يمكننا إثباته ولا نفيه والله العالم


العلماء الذين ألفوا حول الموضوع :

1-           الشيخ حسين بن محمد بن أحمد العصفور الدرازي ، المتوفى في 1216 ه ، وهي نسخة مخطوطة متوفرة في البحرين في المآتم  
2-           الشيخ عبد المحسن بن محمد بن مبارك اللويمي البلادي الأحسائي ، المتوفى حدود العام 1250ه ، ويبدو أنها مخطوطة أيضاً فلم أظفر بنسختها المطبوعة .
3-           الشيخ محمد بن الشيخ علي بن الشيخ عبدالنبي بن الشيخ محمد بن سليمان المقابي البحراني كان حياً سنة 1165 ه ، ويبدو أن هذه النسخة كانت مشهورة ومتداوله في القرن الرابع عشر بحسب كلام صاحب أنوار البدرين .
4-           الشيخ ناصر بن محمد بن عبدالله العرادي البحراني ، كان حياً في 1110 ه ، له كتاب ( وفاة النبي يحيى ) وهو مخطوط ويسعى الأخ عبدالعزيز العرادي لطباعته .
5-           الشيخ عبد النبي البحراني ، صاحب كتاب ( جامع مصائب الأنبياء حتى النبي الخاتم ) الذي خصص جزءاً كبيراً من كتابه إلى ذكر النبي يحيى ومقتله ، وتضمن رداً على الشيخ ناصر البحراني السابق الذكر ، الذي ذكر في قصيدة له أن المقتول بالمنشار هو يحيى بن زكريا . قال عنه في الذريعة أنه معاصر لصاحب كتاب ( الرياض ) .
6-           الشيخ علي بن عبد الله بن الشيخ حسين البربوري الأوالي البحراني ، له كتاب ( وفاة النبي يحيى ) وهو مخطوط ، ولكن للأسف يخلو من تاريخ النسخ وتاريخ الإنتهاء أيضاً .
7-           الشيخ علي بن عبدالله البوري البحراني . طبعه صاحب المكتبة العامة الحاج عبدالعزيز الشهابي رحمه الله ويبدو أن مؤلف الكتاب عاش في أواخر القرن الثالث عشر الهجري إلى بدايات الرابع عشر الهجري والله العالم .


على المستوى الأدبي :


بالنسبة لمراثي نبي الله يحيى (ع) فقد كتب جمع من أهل الأدب المنبري والرثائي حول وفاة ومقتل نبي الله يحيى بن زكريا . ومنهم على سبيل المثال :
1-           الشيخ ناصر بن محمد العرادي / المتقدم الذكر فقد نظم مقتل النبي يحيى ليقرأ في مجالس التعزية على طريقة النواحة وهي طريقة متبعة ومتعارفة عند أهل البحرين قديماً وجاء في مطلع المرثية :
مصابُ النبي يحيى عظيمٌ وأكبرُ* مصاب له الأملاك تبكي وتُكثرُ .

وقد وجدت لهذه النواحة أكثر من نسخة في مآتم وحسينيات أهل البحرين تُقرأ في ليلة ويوم وفاة النبي يحيى ليلاً ونهاراً .
2-           الشيخ محمد علي آل حميدان البحراني / المتوفى سنة 1374 ه حيث له قصيدة باللسان الدارج ذكرها في ديوانه ( اللئالئ الزاهرة ) جاء في مطلعها :
مصيبة المظلوم يحيى جايدة وخطبه شديد * لكن الى هونتها مصيبة حسين الشهيد .

حيث ذهب فيها للمقارنة بين مصيبة يحيى عليه السلام ومصيبة الإمام الحسين .
ويلاحظ على شعراء العامية أنهم كانوا مقلين في الكتابة عن نبي الله يحيى بل أن أكابر شعراء العامية قد خلت دواوينهم من ذكر هذه المصيبة والنظم عنها كديوان المرحوم ملا علي بن فايز ، وديوان المرحوم ملا عطية الجمري .


الاهتمام بالنذور في هذه المناسبة :


اعتاد الكثير من أهالي البحرين على النذور بخصوص يوم السابع والعشرين من شهر صفر ، فيقيمون مجالس التعزية ويقرأون مقتل يحيى بن زكريا عليه السلام وينشدون فيه المراثي والنوحيات التي كتبها بعض أعلام البحرين ، ويحتفل بها الرجال والنساء ، وفي بعض السنوات تخرج بعض مواكب التعزية ، ويطبخون وجبات الغذاء والعشاء ، وتكاد هذه الظاهرة تكون فريدة ومن مختصات أهل أوال وبعض أهالي القطيف وربما بعض الأحسائيين . ولكنني لم أجد لحد الآن في مصادر الوقفيات أي وقف أوقفه أهالي البحرين لهذه المناسبة كعادتهم في وقف بعض الأملاك لإحياء هذه المناسبة .


كتبه بشار العالي البحراني
16 ربيع الأول 1436ه


المصادر :


1-           القرآن الكريم
2-           كامل الزيارات / لإبن قولويه
3-           مناقب آل أبي طالب / لإبن شهرآشوب
4-           التقويم المندائي
5-           النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين / الجزائري
6-           موسوعة الذريعة / آغا بزرك الطهراني
7-           مخطوطات مكتبة الشيخ بشار العالي
8-           وفاة النبي يحيى / الشيخ علي بن عبدالله البوري
9-           الكتاب المقدس / الإنجيل
10-     ديوان اللئالئ الزاهرة