الاثنين، 23 نوفمبر 2009

الصمّان و ( أم الصمّان) القرية المندثرة



1- التعريف بها وبموقعها :
تسمى هذه القرية ( الصمّان ) أو ( أم الصمّان ) بفتح الصاد وتشديد الميم ، وتقع في جنوب جبل الدخان من جزيرة البحرين ، بالقرب من أم جدر ، وهي إحدى قرى البحرين البائدة ولا ذكر لها في هذه الأيام ، ومما يدلل على قرويتها لتكون مدرجة ضمن قرى البحرين البائدة هو نسبة بعض العوائل لهذه القرية كما سيأتي .

2- المنطقة الجنوبية وبعثات التنقيب :
تعتبر الصحراء المحيطة بجبل الدخان والمنطقة الممتدة من جنوب شجرة الحياة إلى رأس البر ، منطقة اكتشفت فيها البعثات التي كانت تنقب آثاراً تعود إلى عصور ماقبل التاريخ ، أي 50,000 إلى 6,000 ق.م ([1]) ، أي أن آثار الحياة كانت موجودة في هذا القسم من جزيرة البحرين ماقبل 7000 آلاف عام تقريباً حيث كانت هناك حياة وكانت آثار وجود الإنسان كأي جزء من أجزاء الجزيرة المأهولة بالسكان . طبعاً كانت الآثار تؤكد وجود الإنسان بمرحلته البدائية على هذه الأرض .
وقد رأيت بنفسي أن في المنطقة الجنوبية وبالخصوص بالقرب من حلبة البحرين الدولية ( الفورملا ) آثاراً لقبور تشبه مايعرف بقبور عالي على إحدى التلال ، ولا يخفى على من بحث في التاريخ أن هذه القبور تعود لفترة زمنية موغلة في القدم وعلى ما لاحظه أحد الباحثين بقوله : [ مدينة دارسة لا يعرف لها تاريخ ، كأن سكانها خلقوا وماتوا قبل أن يكتشف الإنسان القراءة ]([2]) وهذه ملاحظة مهمة في فهم الحقبة التاريخية لقبور عالي التي تملأ أرجاء البحرين وإلى الآن لم يحدد التاريخيون شيئاً دقيقاً حول هذه القبور وما هي إلا تخمينات .

من ناحية أخرى ينقل التاجر في كتابه ( عقد اللآل ) وجود آثار في هذه المنطقة ووجود حياة ومدن قديمة وأطلال ومنازل([3]) _ الآن لا أثر لها بعد تنقيبات النفط وتملك الأراضي للمتنفذين _ وإهمال هذا الجانب من تاريخ البحرين هي مسؤولية إدارة المتاحف والآثار التي أخفقت كثيراً في حماية آثار هذه الأرض أمام طمع حب التملك .

3- البعثة الدانمركية [ العام 1953م ] .
وأوضح التصوير الجوي في منطقة الممطلة([4]) وحولها ، بأنه حيث ماوجدت عيون الماء وجدت مستوطنات العصور الحجرية ، وبالفعل تمكنت البعثة من التعرف على بقايا عدة مستوطنات من هذا النوع كما تعرفت على مواقع كثيرة لأحجار الصوّان في صحراء جزيرة البحرين ، من بينها مواضع تشبه إلى حد بعيد ورشات عمل الإنسان الأول ، توجد بين عيون ماء قد جفت منذ زمن بعيد ، عثرت فيها على عدد غير محدود من قطع حجر الصوّان المشذبة ورقائق ، منها ماهو مربع الشكل ومنها ماهو مقطوع من أحد أطرافه وأخرى طويلة محززة ([5])
بيد أن الأمر بحاجة لدراسة جديّة عن أسباب انعدام الحياة في هذا الجزء من الجزيرة وماهي أسبابه وهل تعود لتغيرات طبيعية في البيئة أو جيولوجيا المنطقة كان منها إنعدام الماء من الجزء الجنوبي حيث كانت البحرين أشبه ببركة ماء ينبع منها الماء الحلو من كل مكان حتى في البحر فكانت خضراء على مدى آلاف السنين حتى كانت كالجنة الخضراء واستحقت أن تكون الأرض المفقودة أو الجنة كما تصورها كتب الحضارات الأخرى أو مايعرف بأرض الخلود ، وكان السبب الرئيس في هذا الأمر هو وجود الماء يقول الله جل وعلا ( وجعلنا من الماء كل شئٍ حي ) ، أم أن هناك أسباباً أخرى أدت لانعدام الحياة في هذا الجزء كالأسباب التي بحثناها في اندثار القرى فالمجال مازال مفتوحاً حتى يتم الوصول للحقيقة العلمية الغير متيقنة .
فيتخلّص مما سبق أن الحياة كانت موجودة في الجزء الجنوبي من جزيرة البحرين لآلاف السنوات قبل الميلاد وليست هي أرض لم تسبق بها الحياة وعليه فهناك سند تاريخي يثبت وجود أمثال هذه القرى في تلك النواحي من البحرين .


4- المصادر التي وثقت وجود هذه القرية :

تطرقت بعض المصادر التي سنذكرها لوجود هذه القرية والتي هي مرددة بين ( الصمّان ) و ( أم الصمّان ) وفيما يلي نذكر من هذه المصادر التي توفرت لدي وهي :
1- حاضر البحرين وماضيها للشيخ إبراهيم المبارك المتوفى في العام (1399هـ ) يقول عنها : [ صمّان ، كحسّان وهي اليوم خراب ]([6])
2- قصيدة الغريفي : وهو العلامة السيد شبر السيد عدنان المتوفى في العام ( 1288هـ _ 1871م ) . يقول في تعداده لقرى البحرين :
بالفارسـية فالسهلان فالسند فسبسبٍ فنقا الصمّان فالصددِ([7]) وكلمة ( نقا ) على مافي مختار الصحاح : مقصورٌ كثيب الرمل([8]) . ولا علاقة لها بالمكان فإن الشعراء يستخدمونها حين يصفون الأماكن كعادتهم سيما في البيئة العربية التي لا تنفك عن ذكر الصحراء والبراري وما يتعلق بشؤونها كالكثبان الرملية .
والجدير بالذكر أنني وجدت تعليقاً على نفس المخطوط على كلمتي ( نقا الصمّان ) جاء فيه : [ نقا الصمّان قرية في جنوب أوال ،آخر جبل الدخان جنوباً بها عين ماء تعرف بها ] . ولا أعلم من الذي كتب التعليقة وغالب الظن أنها مستحدثة على القصيدة بشكل تعليقات وتوضيحات من الناسخ والله تعالى العالم .
3- الخارطة الرسمية للبحرين والمطبوعة ضمن الأطلس العربي ( جيوبر وجكتس ) وحددت موقعها في الجزء السفلي ( الجنوبي ) للجزيرة بإحداثيتين هما : الصمّان ، وعين أم الصمّان .
4- كتاب ( من تراث شعب البحرين ) للمرحوم الشيخ محمد علي الناصري رحمه الله حيث عد هذه القرية ضمن قرى البحرين البائدة([9]) ، على أن الطريق لموسوعته حول قرى البحرين غير مفتوح وإلا لكانت لدينا معلومات أكثر حول هذه القرى .
5- وثائق تتضمن أسماء تنتمي لهذه القرية ضمن مكتبة الوثائق الخاصة بكاتب المقالة .

ملاحظة : لم يذكر هذه القرية المؤرخان محمد خليفة النبهاني ، في ( التحفة النبهانية ) ولا ناصر بن جوهر الخيري في ( قلائد النحرين ) حيث يظهر أن لهما منهجاً آخر في تقسيمات القرى والمناطق ، ولم يذكرها العصفوري في ( تاريخ البحرين ) ولا الشيخ التاجر في ( عقد اللآل ) وهو من غريب أمر الأخير الذي استقصى أخبار قرى البحرين .



5- بحث في أصل التسمية :
بحسب المصادر اللغوية والجغرافية معاً استطعت أن أحصر هذا البحث وهذه التسمية في ثلاث نقاط ، وقبل الخوض فيها أؤكد على أن أصل التسمية ( الصمّان ) هو عربي وليس فارسي المنشأ لأن أصله في اللغة الفارسية يكاد يكون منعدماً ، وبعد استثناء الأصل اللاتيني أيضاً ينحصر أصل الإسم في الأصل العربي كما بينا سابقاً حول أصول مسميات القرى ، ويمكن أن نحصر ونلخص ما ذكر في المعاجم وكتب التاريخ واللغة عن هذه التسمية في ثلاثة اتجاهات :

الإتجاه الأول : إن كلمة الصمّان مأخوذة من ( الصم ) وهو من به الصمم ، وهو غير عزيز في لهجة أهل البحرين فإنه لمناسبة ما أطلقت صفة الصمان على هذه القرية ويؤيده كلمة ( أم ) المضافة ولكن لغياب المناسبة وعدم معرفة السبب لا يمكن معرفة أصل التسمية . أهل كان بها جماعة من الصم مثلاً فلزمهم اللقب ؟! ولا يمكن الجزم بها . ويؤيده مانقله ابن منظور من قول الشاعر: يدعو بها القوم دعاء الصمان([10]) .

الإتجاه الثاني : إسم علم لمكان هو الآن في المملكة العربية السعودية ، وقال في نزهة المشتاق : [ ومن أراد المسير من اليمامة إلى البصرة .... ثم يسير ثلاث مراحل أخرى إلى الصمّان وهي قرية عامرة يسكنها قوم من العرب جياع عراة قد كتب الفقر لهم بأمان .. ]([11]) فيظهر أنها في بر الجزيرة العربية . وجاء في أشعار العرب كما عن النابغة الجعدي قوله :
أيا دار سلمى بالحرورية اسلمي * إلى جانب الصمّان فالمتثلمِ ([12])
وكقول عباس ابن مرداس في قصيدة له أيضاً :
يابعد منزل من ترجو مودته * ومن أتى دونه الصمّان والحفرُ([13]) فالصمّان والحفر اسمان لموضعين معروفين ، وفي لسان العرب لإبن منظور قال : قال أبو منصور وأنشدني أعرابي بالصمّان :
ترعى من الصمّان روضاً آرجا * ورغلاً باتت بـه لواهجا([14])
، ومازالت الصمّان موجودة في المملكة العربية السعودية ولها ينسب جماعات منهم في مناطق متفرقة من أنحاء المملكة العربية السعودية كمكة وغيرها . وينسبون لها الصُمّاني _ بضم الصاد _ ويستفاد من المصادر أنه كان يسكنها من العرب بنو تميم . ويكاد هذا الإتجاه أن يكون عقيماً في البحث لولا أن نقول أن جماعة من أهل الصمان من ناحية الجزيرة العربية قد استوطنوا هذه المنطقة فنقلوا الإسم معهم وأيضاً لا دليل عليه ولا شواهد .

الإتجاه الثالث : أن هذا الإسم يطلق على الأرض الوعرة ذات الخشونة ، قال ابن منظور : ( وصلب الصمّان مكان خشب أخشب غليظ )([15]) ، وقال أيضاً : ( والصمان والصمانة أرض صلبة ذات حجارة إلى جنب رمل )([16]) ، وهذا الإتجاه غير بعيد عن أصل اشتقاق التسمية سيما لو رأيت وعورة ناحية هذه القرية من موقعها الحالي المندثر

6- عوائل تنتمي لهذه القرية المهجورة :

يذكر الشيخ إبراهيم في حاضر البحرين مانصّه : [ ومن البلدان التي تفرق أهلها .... ومنها الصمّان ، ففي بلادنا عالي منهم وهم الحاج علي بن أحمد الصمّاني ، وقرابته . ]([17]) ، ومازالت هذه العائلة في قرية عالي تعرف بنفس التسمية واللقب إلا أنه في الأوراق الرسمية قد اختفى هذا اللقب من العائلة . ومن ناحية ثانية فإن كبار السن في هذه العائلة ينقلون أن أجدادهم ولدوا في قرية عالي مما يفيد أن الهجرة من القرية الأم كانت لسنوات بعيدة لم يدركها جيل الأجداد منهم .
ووجدت ضمن مكتبة العالم الجليل الشيخ جعفر الخال الدرازي رحمة الله عليه ، كتاباً مخطوطاً للشيخ مفلح الصيمري (قده) وهو المعروف بـ( جواهر الكلمات في العقود والإيقاعات ) نسخة مصورة عنه كان المرحوم ولده الشيخ محمد بن شيخ جعفر الخال ينوي تحقيقها وبالفعل أكمل نقلها كاملة من المخطوط وقام بضبطها إلا أنه لم يكملها وعاجله أمر الله عن إكمال مجهوده ، وكانت النسخة المخطوطة والمصورة مذيلة وعليها تاريخ ، جاء فيها بتذييل الخطاط : [ الفقير إلى الله الغني ابن علي ابن محمود بن الحاجي الصمّاني محمد المطّلق مشهوراً _ هكذا _ في انتصاف ليلة الثلثاء غرة شهر جمادى الثاني من شهور سنة خمس وستين وتسعمائة من الهجرة النبوية المصطفوية ] . والشيخ مفلح هذا كان حيّاً في العام 873 هـ وهو عام كتابة إجازة لتلميذه ناصر بن إبراهيم البويهي ، كما عن الأعيان ([18]) ، وعلى أي حال فهذا الإسم وجدته ولا علم لي هل كانت الصمّان موجودة في القرن العاشر الهجري أم لا ، لأن أي رقم سوف نضعه لا يتعدى حدود التكهنات والله تعالى العالم بحقيقة الحال .
وأخبرني جماعة من الثقات أن هناك أكثر من عائلة من قرية دار كليب تنتمي لهذه القرية المندثرة منها عائلة الحاج علي المعروفة بعائلة آل عريش هم ايضاً من قرية الصمّان وكانوا يتلقبون بهذا اللقب ولهم ذرية إلى يومنا هذا ، ولا يخفى على الباحث أن جماعة من سكنة دار كليب وشهركان والمالكية وصدد ينتمون لهذه القرية ولو بحثنا بحثاً ميدانياً لطال بنا المقام ، فلعل المهتمين والمتصدين يقومون به لضرورة ما يوماً من الأيام .

الخلاصة من هذا البحث :

أنه توجد قرية في البحرين باسم ( الصمّان ) أو أم الصمان في جنوب الجزيرة وكان بها حياة وعين ماء أيضاً ، وكانت مأهولة ثم انعدمت الحياة فيها لأسباب مجهولة وغير معروفة وهي من قرى البحرين المندثرة .

وهذا ما استطعت جمعه حول قرية الصمّان المندثرة وليعذرني الإخوة في عدم نشر الوثائق الآن لأنني أولاً في طور جمع المادة ، وثانياً سأجمعها في كتابي المعد للطبع وهو ( النسائم العطرة من قرى البحرين المندثرة ) الذي سيصدر قريباً إن شاء الله تعالى .
وكتبه بيمينه
بشار عبد الهادي عيسى العالي البحراني .
في 5 ذي الحجة 1430 هـ

8- مصادر البحث :
1- حاضر البحرين وماضيها / الشيخ المبارك طبعة تجريبية عن النسخة المخطوطة .
2- عقد اللآل في تاريخ أوال / الشيخ محمد علي التاجر.
3- قلائد النحرين / ناصر بن جوهر الخيري
4- التحفة النبهانية للشيخ محمد النبهاني
5- الذخائر أو تاريخ البحرين للشيخ محمد علي العصفور
6- التسلسل الحضاري لمملكة البحرين على ضوء نتائج التنقيبات الأثرية / د . عبد العزيز علي صويلح
7- أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين
8- لسان العرب /لإبن منظور
9- سبل الهدى والرشاد / للصالحي الشامي
10- معجم البلدان / لياقوت الحموي
11- نزهة المشتاق في اختراق الآفاق/ للشريف الإدريسي
12- من تراث شعب البحرين / محمد علي الناصري
13- مختار الصحاح /الرازي
14- وثائق خاصة لدى كاتب المقالة
15- وثائق مخطوطة عند السيد صادق الغريفي
16- مقابلات خاصة واستطلاعات
([1]) التسلسل الحضاري لمملكة البحرين : 438
([2]) عقد اللآل في تاريخ أوال : 40 بالهامش ، نقلاً عن الريحاني
([3]) عقد اللآل في تاريخ أوال : 41
([4]) الممطلة منطقة مهجورة في جنوب جزيرة البحرين بينها وبين الصمان مسافة بسيطة
([5]) جلوب . ب . ف 2003 ، ص 350 ، عنه التسلسل الحضاري لمملكة البحرين : 62
([6]) إبراهيم المبارك : حاضر البحرين وماضيها : 46 طبعة تجريبية عن المخطوطة
([7]) قصيدة مخطوطة لدى مجموعة السيد صادق الغريفي ( حفظه الله )
([8]) مختار الصحاح : مادة ن_ ق _ا : 390
([9]) من تراث شعب البحرين : 159
([10]) ابن منظور / لسان العرب ج12 : 343
([11]) الشريف الإدريسي / نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ج1 : 160
([12]) ياقوت الحموي / معجم البلدان كلمة حروراء
([13]) الصالحي الشامي / سبل الهدى والرشاد ج5 : 344
([14]) ابن منظور / لسان العرب ج2 : 352
([15]) ابن منظور / لسان العرب ج1 : 354
([16]) ابن منظور / لسان العرب ج12 : 346
([17]) حاضر البحرين وماضيها : 50 طبعة تجريبية عن المخطوطة
([18]) السيد محسن الأمين /أعيان الشيعة ج5 : 70

الأحد، 15 نوفمبر 2009

البحرين كما وصفها العاملي الجزيني

البحرين كما وصفها العاملي الجزيني

كان أحد العلماء الذين جابوا بلاد الله الواسعة في طلب العلم ، هاجر من جبل عامل ، وطاف في الحواضر الشيعية المكتظة بالعلم والعلماء ، ولولا أنه عالم لما كان لتقييمه للعلم والعلماء أهمية تذكر . عاش في القرن الثاني عشر الهجري ومن حسن الحظ أنه ألقى عصاه في جزيرة أوال حيث تشرفت البحرين بأن يعفر هذا العابد جبهته الشريفة على ترابها في صلواته ، كما كان له أن ينال من ينابيع البحرين الدافقة فشرب من زلال علمائها الأتقياء ونهل من علومهم ومن حسن الحظ ثانية أنه دون جزءاً كبيراً من رحلته المباركة في كتاب ألّفه حول البحرين وأسماه ( مرآة البحرين ) وهذه وقفة مع العالم وأثره الخالد .

1- نسبه وموطنه
أما نسبه فقد ذكره الشيخ يوسف العصفور كاملاً وكان من معاصريه نقله في الكشكول عنه شخصياً فقال: [ الشيخ مكي بن محمد بن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين بن محمد بن علي بن شهاب الدين محمد بن أحمد بن محمد بن شمس الدين بن محمد بن بهاء الدين بن علي بن ضياء الدين محمد بن شمس الدين محمد الشهيد بن شرف الدين مكي والد السعيد الشهيد هكذا نسب نفسه أطال الله عمره ]([1]) .وقد نقل السيد الأمين في الأعيان نسبه هكذا [ الشيخ شرف الدين محمد مكي أو محمد علي _ التردد منه _ ابن ضياء الدين محمد ابن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين الشهيد العاملي الجزيني ]([2]) ، وقال عنه وهو في طبقة الشيخ يوسف صاحب الحدائق ، مما يفيد أن الشخصية واحدة ولكن وقع اختلاف في تعدد سلسلة نسبه واتصاله بالشهيد والله العالم بحقيقة الحال.
أما موطنه فقد عرف عن هذه الأسرة أنها من جزين وهكذا ينسب نفسه هو كما في مخطوطة كتابه ( مرآة البحرين ) العاملي الجزيني ، فأما كلمة العاملي نسبة لجبل عامل وهو المعروف الآن بالبنان وهي من الحواضر الشيعية العريقة خرج منها فطاحل العلماء الذين رفدوا التشيّع وأمدوه بدمائهم وعلومهم كالشهيدين الأول والثاني ، والشيخ البهائي ووالده الذي دفن في البحرين ( أوال ) في مقبرة (أبي عنبرة ) ، والحر العاملي صاحب الوسائل ، والسيد شرف الدين صاحب المراجعات ومازالوا يرفدون التشيع بمدهم الخلاق وجهادهم يتقدمهم في زماننا السيد حسن نصر الله نصره الله وأيده . أما لقب ( الجزيني ) فهي قرية من جبل عامل وهي تقع الآن في جنوب لبنان ، وهي مسقط رأس الشهيد الأول المولود في 734هـ والمستشهد في العام 786هـ وهو جد الشيخ صاحب الترجمة .
ترجمته في الأعيان :
وذكره الأمين في الأعيان ج 14 : 378 وقال عنه : [ عالم فاضل محدث لغوي شاعر من مشايخ الإجازة طرقه كثيرة نقية جيدة يظهر من بعض إجازته أنه تجول في البلاد وتحمل من علماء البحرين والعراق واليمن وإيران والقدس والخليل ومكة المشرفة ، له مصنفات منها سفينة نوح ذات الأعاجيب ، جمع فيها من كل شئ أحسنه ، والروضة العلية ، والدرة المضية في الدعوات ، كان حياً سنة 1178هـ ]

2- الزمن الذي وصل فيه البحرين :

ومن خلال الأرقام التي ذكرها في المخطوطة لا نستطيع بالضبط حصر السنوات التي قضاها في البحرين على وجه الدقة إلا أنها تقريباً بين الأعوام 1160 إلى 1162 والله تعالى العالم ، وهذا يعني أن هذه الفترة التي قضاها كانت في فترة العصر الذهبي للعلم في جزيرة أوال والذي بدأ ماقبل الشيخ سليمان الماحوزي وامتد لما بعد وفاته حيث كان تلامذته وناهلو مدرسته المباركة يخوضون معترك العلم في شتى أصنافه كاللغة والأدب والفقه والكلام وغيره من المعارف الإسلامية المنتشرة في ذلك العصر . ويظهر أن لقاؤه مع الشيخ يوسف الذي سنتعرض له كان سابقاً على مجيئه للبحرين ولما كان بها كان الشيخ يوسف غائباً والله العالم .


3- حضوره عند علماء البحرين :
وقد نال هذا العالم قسطاً من فيوضات أعلام هذه الأرض ووصفهم بما هم أهله من الوصف وذكر من هؤلاء :
1- آية الله الشيخ حسين الماحوزي :
وقد حضر بحث الشيخ حسين الماحوزي وهو أستاذ صاحب الحدائق مدة عامين من الزمان ووصف الشيخ الماحوزي بقوله :
[ وأقل من اجتمعت به من لـه الفضل الفاضل، الذي لـه على أهل عصره الفضل، البحر الزاخر، حاوي الفضائل والمفاخر، شيخنا المحقق وأستاذنا المدقق، المبرّء من كلّ عيب وشين، بن محمّد جعفر الشيخ حسين الماحوزي. وهذا الشيخ لا أقدر على حصر فضله وفواضله، ولا يبلغ كنه غزارة علمه ودقة فهمه، قد مَنَّ الله تعالى به على أهل زمانه، فراج به الدين والعلم، وانتفع بجاهه المساكين، وقرَّت به عيون العلماء والمستفيدين. ولقد أقمت عنده سنتين فكان بمجالسته بلوغ المُنى وقرَّة العين، وقرأتُ عنده التهذيب والإستبصار، وسمعتُ عنده بقراءة غيري لديه من الأبرار الشرائع والكافي والغنية وتفسير الصافي. وهذا الشيخ ثقة ، ثقة ، ثقة محتاط في أقواله، متأملاً في أفعاله، ولقد أجازني إجازة عامة في كلّما يجوز روايته مما للرواية فيه مدخل، وذَكَرَنِي فيها بكلمات شريفة لطيفة جميلة جليلة ] ([3]).
2- آية الله الشيخ ياسين البلادي :
وحضر كذلك بحث الشيخ ياسين البلادي في قرية البلاد فقال فيه : [وفي أيام إقامتي بهذه البلدة قد ترددت إلى شيخ المشايخ، وهو فيها العمدة، أعني الشيخ الجليل الشيخ ياسين بن الشيخ صلاح الدين، وكنتُ كلما ترددت إلى ذاته الشريفة فاحت عليَّ روائح كلماته اللطيفة، وأتحفني بمصنفاته النفيسة التي تغني الناظر اللبيب عن منادمة الحبيب ] ويذكر أنه قد استجاز منه أيضاً فقال : [ولقد أجازني في أيام ترددي إليه فيما يصح روايته عن الائمة المعصومين وجميع مصنفاته وسائر منثوره ومنظومه، ولقد كتبت منها شطراً في هذا الكتاب في فصل يُذكر فيه كلّ مستطرف عن أولي الالباب ] .
4- وصفه للشيخ يوسف ولقاؤه معه :
وقد ذكر الشيخ يوسف صاحب الحدائق في كتابه وذكر لقاءه معه خارج البحرين فقال : [ ومنهم : العالم العلامة شيخنا الشيخ يوسف ، فهو وحيد دهره وفريد عصره عديم النظر في كلّ علم لـه القدح المعلّى والرقيب، قد أحاط بما لم يحط به غيره من غرائب العلوم والكتب، قد احتوت خزانة كتبه على قرب من عشرة آلاف كتاب، ونقل لي بعض الطلبة قال ربما كان عنده في شيراز قرب عشرين ألف كتاب وقد أصيب بهذه الكتب مع ما أصاب أهل شيراز من النوازل والمصائب التي يطول ذكرها، وقد سكن شيراز مدة من الزمان فراج به الدين وانتفعت به عامة المسلمين، ليله في العبادة ونهاره في التدريس والتأليف والإفادة، ولقد اجتمعت به في النجف سنة 1154 تقريباً وقد أمرني بالتماس لطيف شريف بان أقابل معه الكفاية فقابل نسخته على نسخة مصححة، وقد كتب جزء كراس بخط يده تصحيحاً لبعض الكلمات التي صدرت عن مصنف الكفاية، فقلت لـه كيف هذه الكلمات أفردتها فقال لعلننا نتأملها ونصححها بالعربية الفصيحة الصحيحة، ولقد أطلعت لـه على أشعار وقصائد كثيرة ومسائل وأجوبه لا تحصى، وعندي من أجوبة مسائله قرب ثمانين مسألة تقريباً ، ولما سافر أخوه الشيخ الفاضل الشيخ عبد علي إلى الهند قد كتب إليه مكاتيب شريفة وأشعاراً لطيفة وكتب لـه أخوه كذلك، وقد جمعت من مكاتبيهما وأشعارهما قرب جزء ذكرته في الفصل المشار إليه سابقاً، ولما سافرتُ إلى بلاد العجم لزيارة الرضا عليه السلام أقمتُ قرب ستة عشر سنة، ثمّ أني رجعت إلى النجف الأشرف فرأيت الشيخ المذكور أيده الله وزيد في عمره مجاوراً في كربلاء وترك الدنيا وشيراز وبلاد فارس وأقام في كربلاء للعبادة والإفادة والتدريس والتأليف وله مؤلفات جليلة وتحقيقات شريفة جميلة، منها: حاشية على المدارك لم ينسج على منوالها فله فيها التحقيق والتدقيق التام الذي لم يسبقه إليه سابق، وله رسائل مفيدة عديدة لا يحضرني أسماؤها، وله كشكول عظيم يفوق على كشكول الشيخ بهاء الدين، ولو شرحت جميع فضائله ومناقبه ومحاسنه وزهده وورعه وحسن أخلاقه لجف المداد والله رؤوف بالعباد .
5- وتجد وصفه لعلماء أوال :
يقول في بدايات كتابه عن أعلام البحرين ممن عاصرهم أو سمع بذكرهم : [ ثمّ إني في خلال إقامتي في جزيرة أوال قد تتبعت علمائها من أولي الفضل والأفضال، مما كان في زماني مما رأيتهم أو في غابر الأزمان، فكانوا بحمد الله جمّاً غفيراً ] وفي خاتمة كتابه يذكر مكانة علماء البحرين بحسب تقديره فيقول : [ واعلم ان علماء كثيرة قد خرجت من قرى البحرين فمنهم من لم أطلع على حالهم وأسمائهم ولا على شيء من آثارهم قدّس الله أرواحهم أجمعين. وبالجملة ان جزيرة أوال معدن الجود والإيمان والأفضال لم أر قط أحسن من معرفتهم في العلوم الدينية، وهم أحسن قوم في الفرقة الامامية، ولهم إخلاص زائد، واعتقاد في أهل جبل عامل كثيراً كثيراً، ورفعوا لي عندهم مقاماً خطيراً فجزاهم الله خير الجزاء انه أجود الأجودين ] .

6- ووصف بعض القرى أيضاً :
قال في وصف قرية البلاد : [ ثمّ ارتحلنا وعلى الله توكلنا إلى البلد القديم، وذلك بتقدير العزيز القدير العليم، أعني المشهورة بالبلاد، التي هي معدن العلم ومسكن الامجاد، فسرنا في تلك الأرض قليلاً، وكان مع العلماء سيراً جميلاً، فلما دخلتها فإذا هي بلدة عظيمة، طِيبها يحي النفوس، ومياهها جارية تذهب عن القلب الصدا والبوس، فعيونها تجري بين قصورها الشاهقة، وفيها أهلها الشموس والبدور الفائقة، وهي بلدة بالعلم مغمورة، ومساجدها بذكر الله معمورة، تسر الناظر وتشرح الخاطر ] .
7- مصير هذا الكتاب :
وأما هذا الكتاب الذي استعرضناه معكم فقد وجده الأخ الفاضل الشيخ إسماعيل الكلداري البحراني حفظه الله في إحدى زوايا مكتبات قم العامرة بالمخطوطات وهو كتاب يحتوي على تراجم كثيرة لعلماء البحرين والأحساء والقطيف والغالبية للبحرين ، وهو جزء لا يتجزأ من تاريخ البحرين ، وللأسف الشديد فإن النسخة ناقصة من بدايتها وأتمنى من الإخوة المهتمين بالمخطوطات في لبنان أن يزودونا بالنسخة الثانية إن وجدت حتى يتم طبع الكتاب كاملاً ، وقد قام الأخ الشيخ إسماعيل ضمن إهتمامه بتاريخ البحرين ومخطوطاتها بتحقيق الكتاب تحقيقاً جميلاً إطلعت على جزء كبير منه وقد أعطاني منه نسخة ونقلت منها أسأل الله أن يوفقه لإتمامه وإكماله .

مصادر المقالة :
1- الكشكول / الشيخ يوسف
2- مخطوطة ( مرآة البحرين ) / الجزيني ، تحت التحقيق
3- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج 14 دار التعارف
4- الفقه في جنوب لبنان / محمد الحسيني ، دار المحجة البيضاء
5- جبل عامل في التاريخ / محمد تقي الفقيه
6- لقاء مع الشيخ إسماعيل الكليداري حفظه الله
7- أنوار البدرين
8- منتظم الدرين
9- لؤلؤة البحرين
10 تكملة أمل الآمل / للسيد حسن الصدر
11- روضات الجنات


والحمد لله أولاً وآخراً
وكتب بيمينه الداثرة
بشار عبد الهادي العالي البحراني
في 25 ذي القعدة 1430هـ



([1]) كشكول الشيخ يوسف ج2 : 149
([2]) أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج 14 : 378
(1) – راجع ترجمته في المصادر التالية : لؤلؤة البحرين:6، أعيان الشيعة143:6،تكملة أمل الآمل 229، روضات الجنات204:8و14:4، خاتمة المستدرك 388:3، منتظم الدرّين:خـ ، أنوار البدرين:176 .

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

بربغي وصراع البقاء والزوال

بربغي وصراع البقاء والزوال

1- عالي في وصفها العام

تعتبر قرية عالي من أقدم القرى البحرانية ، وهي تاريخ يعتز به أهل هذه القرية خاصة وأهل البحرين عامة ، تاريخ يمتد إلى ماقبل ( ديلمون ) بآثار المدافن التي عرفت بمقابر عالي وذلك لكون قرية عالي احتضنت المدافن الملكية والتي لازالت قابعة بين المنازل في حي ( السادة ) وفي البر وجوار جامع عالي الكبير ، كما اشتهرت بصناعة الفخار وهي صناعة بحرينية عريقة مازالت تمارس ولها عوائل اشتهرت بهذه الصناعة ، وكذلك صناعة النورة وهي إحدى مواد البناء المعروفة في البحرين ولذلك تجد بعض الوثائق التاريخية القديمة تحمل أسماء وألقاب مثل لقب ( الدوغجي ) وهي نسبة بحرانية قديمة تنسب لكل من يعمل في ( الدوغة ) والدوغة هي المصنع أو الفرن الذي يتم فيه حرق النورة كمرحلة من مراحل تصنيعها ، ولكن هذه التسمية الآن قد اختفت .
وقد تميزت قرية عالي بتسميات لنواحيها فالقرية الأم تعرف بعالي ( مَعَن ) بفتح الميم والعين وسكون النون والنسبة لها المعني وهي التي تعرف بـ(الديرة ) ومن جهة الشرق تعرف بـ(روضة عبد الكاظم ) ولم أتحقق لحد الآن من صاحب هذه التسمية ولكن ينقل كبار السن أن من هذه المنطقة كانوا يأخذون الطين الذي تصنع منه الآواني الفخارية ، وفي شمال شرق القرية تعرف بـ( أبو لومي ) وهي تسمية تطلق على بستان كان بها وهي الآن في المنطقة التي بناها الوجيه الحاج حسن العالي رحمه الله . أما من جهة الجنوب الشرقي فبعد روضة عبد الكاظم نقل لي أكثر من شخص أنه كانت توجد آثار وقد أدركت جزءاً منها بداية انتقالنا إلى أسكان عالي ومحلها اليوم أسكان عالي بمناطقه الكبيرة الممتدة لمنطقة (جري الشيخ ) من جهة الجنوب حيث اتصلت ببدايات الرفاع أو مايعرف بمنطقة السيل ، وماتيقى من الآثار السالفة الذكر هو الحوض المائي الكبير الذي يعتبر من آثار عالي الشهيرة وهو خزان للماء يجمع سيول الأمطار وتخزن فيه ليستفيد منها الناس بعد ذلك .
وأما جهة الجنوب من عالي( معن ) فهي التلال الأثرية المترامية التي تصل لأطراف بوري الجديدة والجزء المتاخم لقرية عالي يعرف بـ( البر ) ويقال أن أول عائلة سكنت هذه المنطقة هي عائلة البر المعروفة في عالي ومنه أخذت التسمية وهي ليست بقديمة بل تعود لزمن الشيخ إبراهيم المبارك ، بعدها عرفت المنطقة بحي السادة من جهة الجنوب الشرقي حيث سكنته عائل الغريفي وفيه منزل سماحة العلامة السيد أحمد الغريفي (قدس سره ) حيث قطنت هذه العائلة قرية عالي منذ مئات السنين .
وتقع في غرب عالي قرية صغيرة تسمى ( عالي حويص ) يدعي أهل بوري أنها تابعة لبوري والتسمية التاريخية تكذب هذا الإدعاء فاسمها عالي حويص كما نقله أكثر من مصدر ولا حاجة للتدليل على هذا الأمر .

2- وصف لموقع ( بربغي ) ومعالمها :

تقع بربغي _ وهي جزء من عالي _ في غرب عالي وتمتد من غرب عالي إلى جهة الشمال بينها وبين قرية سلماباد بل وحتى غرب سلماباد وهي تتصل بعالي حويص من جهة الغرب . وأهم معالمها :
1- عين كبيرة تسمى عين الخضرا في الطرف الشمالي [ راجع أطلس البحرين ]
2- عين بربغي وهي بالقرب من مسجد أمير محمد بربغي
3- مجموعة من البساتين المترامية الأطراف تجري من تحتها الأنهار كانت عامرة بالنخيل .
4- مجموعة عيون دافقة
5- مسجد بني في الثمانينات يعرف بأمير محمد بربغي وهو غير مسجد ( امير محمد ) الموجود في غرب عالي
ويظهر من بعض الوثائق أنها تمتد كمسمى حتى الأطراف المتاخمة لسار بل وجبلة حبشي وبو قوة حيث يعرفون البر المتاخمة لقراهم ببر بربغي أو بربغو

أما الآن فهي خراب لا زرع ولا ماء سوى البراري التي يمر عليها من الجنوب شارع زايد . وبني في جهتها الشمالية جامعة ama ومحطة سلماباد ، فالأحرى ان تسمى جامعة بربغي

3- بحث حول التسمية :
في بحث أعددته عن قرى ومناطق البحرين سيطبع في القريب إن شاء الله كانت نتيجته أن أسماء مناطق البحرين تعود لثلاثة أصول ( أسماء عربية بحتة ) و ( أسماء فارسية بحتة ) و ( أسماء لاتينية ) .
أما الأسماء الفارسية فتعود لحقب قديمة تعود للقرون الأولى من ولادة السيد المسيح حيث كانت البحرين مستعمرة فارسية للإمبراطورية الفارسية الكبيرة التي يخضع جزء كبير من المنطقة لنفوذه وسيطرته وعلى هذا الأساس فالبحث اللغوي عن المسميات لا بد أن يخضع لمظلة اللغة الفارسية وتفكيك الكلمات يعود لهذه الأصول .
كلمة ( بر بغي ) وهي مركبة من كلمتين ( بر ) و ( بغي ) فكلمة بر عربية وهي ضد البحر ، ولو تجاوزنا أن كلمة بر غير عربية فيمكن أن تكون في الأصل ( بار ) وهي تأتي بمعان كثيرة في اللغة الفارسية : مثل المملوء والمشحون والزاخر ، وبمعنى ثمر ، وفاكهة وبمعنى الجنين في بطن أمه ، وبمعنى رفعة وعظمة ، وغيرها من المعاني إلا أن المعنى العربي والحمل عليه أقرب لكونه يتمشى مع النطق أكثر من كلمة ( بار ) .

وأما كلمة ( بغي ) فهي في الأصل ( باغ ) فلا وجه لها في الفارسية حين نقول ( بغي ) خصوصاً وأنها تكسر الغين فيها فيقوى الإحتمال أن أصلها باغ ثم استخدمت في باغي ثم تحولت إلى بغي على مايقع في سليقة لغة العرب ، وأما كلمة باغ فلها معان وهي : البستان ، والروضة والحديقة ، وأيضاً : وجه المحبوب . فيمكن أن يتركب المعنى هكذا ( حديقة أو بستان البر ) ووجه الإختيار لهذا المعنى هو كون الحقيقة التي كانت عليها هذه المنطقة هي عيون وبساتين .

وبطبيعة الحال لا يعني هذا أن أهل هذه المنطقة هم من الفرس ولكن كان عمال الإمبراطورية الفارسية لهم مطلق العنان والتصرف في هذه الأرض ولذلك فأكثر تسميات مناطق البحرين فارسية وهي عربية وأهلها عرب ولكن هكذا يفعل الإستعمار . فبحسب مانقله المؤرخ التاجر في حديثه عن معن يستقرب أنهم ينتسبون إلى معن بن زائدة والله تعالى العالم .

4- بربغي في الأدب العربي :

وجدت في ديوان أبي البحر الخطي تناوله لهذه المنطقة المندثرة الآن في شعره ، يقول راوية ديوانه وصديقه وكاتب ديوانه الغنوي حسن بن محمد بن ناصر بن علي بن غنية وكان من سكنة قرية سار ، مانصّه : [ وقال يصف بعض الجواد _ الجواد بتشديد الدال جمع جادة : الطرق _ بين بربغي وسلماباد للسنة الثانية عشرة بعد الألف ] .
وطرقٌ سلكناها فما زال ضيقُها *** يجور بنا حتى ضللنا بها القصدا
فلو أن ذا القرنين أدرك بعضها *** لصيّره من دون يأجوجه سدّا

والشاعر عاش في القرن العاشر الهجري وأدرك الحادي عشر حيث كانت وفاته في العام 1028 أي حوالي 1619م ، وقد ذكر هذه الأبيات السيد محسن الأمين في الأعيان عند كلامه عن الشاعر أبي البحر الخطي .

كان هذا الشاعر يتجول حتى ضاقت به الطرقات في هذه المزارع العامرة بالنخيل والتي أدركنا منها بقايا آثار النخيل وترى في الأرض آثار مجاري المياه القديمة التي تعود لما يقارب الأربعمائة عام تقريباً من الآن ولا شك فإن المنطقة هي أقدم من زمن مرور أبي البحر الخطي عليها . فكان يقطع الطريق إذ مر على بربغي ومن شدة زحام النخيل والزرع ضل في طريقه وكان هذا الداعي لأن يقول هذين البيتين .
وأعجب من محقق ديوان أبي البحر انه لم يسأل أهل هذه المنطقة عن بربغي حيث كان يخمن أنها منطقة تقع بالقرب من سلماباد بل هي منطقة مندثرة قديمة .

5- المصادر التي وثقت هذه المنطقة :

1- عشرات الوثائق التاريخية لبيع عقارات ترجع للقرن العاشر والحادي عشر الهجري ومابعد ذلك ، محفوظة عندي لعدة مالكين من عالي وخارجها .
2- ديوان أبي البحر الخطي ج2 : 11 وهما البيتان السابقان .
3- ذكرها الناصري في موسوعته المخطوطة عن قرى ومناطق البحرين القديمة والمندثرة وهي موسوعة مخطوطة لحد الآن لم تطبع .
4- وذكرها الشيخ إبراهيم المبارك في كتابه ( ماضي البحرين وحاضرها ) فقال عنها : بربغي وموقعها بين سار وعالي وهي الآن خراب ليس فيها إلا النخل .
5- وقد وثقت لهذه المنطقة شخصياً في كتاب ( النسائم العطرة ) وهو كتاب عن قرى البحرين ومناطقها . سيطبع قريباً إن شاء الله تعالى .

6- وهل كانت مأهولة بالسكان ؟

من خلال البحث والتقصي لم أستطع أن أثبت أن منطقة بربغي التي هي جزء من عالي كانت مأهولة بالسكان بل كانت مجموعة مزارع ولا يستبعد كونها مأهولة أيضاً ولكن لا دليل ، سوى ما ذكره الشيخ إبراهيم وقال وهي الآن خراب مما يدلل على كونها مأهولة سابقاً . ولم ينقل أحد انه رأى بها بيوتاً أو آثارا تدل على السكنى والله تعالى العالم بحقيقة الحال . وينقل البعض ممن سمعت منهم أن بعض العوائل كانت تقطن بربغي وهي الآن في عالي ، نعم كان أهالي عالي يضعنون في هذه المنطقة سيما من لهم مزارع في منطقة بربغي فيقطنونها في فصل الصيف كعادة أهالي قرى البحرين ، وفيها مضعن معروف عند أهالي عالي بالقرب منها، أما كونها تسمى قرية فهو بعيد وغير معروف عند أهالي عالي نعم هي منطقة وليست قرية وهي من توابع عالي .

7- ماهو سبب اندثارها ؟

لقد كانت هذه المنطقة والمناطق التي في جوارها تزخر بموارد المياه من العيون الطبيعية التي تملأ هذه المنطقة ومن أبرزها كانت (1) عين حويص الشهيرة وهي موجودة إلى يومنا (2) عين رستان وهي إحدى عيون عالي الشهيرة وقد اندثرت وهي بالقرب من مسجد عين رستان الحالي الواقع على شارع زايد (3) عين الخضرا وهي في نواحي غرب سلماباد وغيرها من العيون التي منها (4) عين في بربغي نفسها تعرف بعين بربغي ذكرها بعض كبار السن لم أستطع ان أوثقها بغير النقل . وبما ان المنطقة زراعية ففقدان العيون وجفافها أدى لموت الزراعة وهذا سبب من الأسباب .

ومن ضمن الأسباب أيضاً هو تقاسم هذه الأراضي بعدة ورثة وهو ما أدى لبيع بعضها وإهماله وموت الورثة وضياع أوراق ووثائق كل هذه الأمور أدت لإندثار بربغي ولعل هناك أسباب أخرى .

8- من هو أمير محمد بربغي ؟

هناك قراءتان لإسم هذا المسجد وصاحب هذا القبر ( أمير محمد) و ( مير محمد ) وهو شخصية مجهولة لم يستطع مصدر أن يوثقها كما بينت بعض المصادر أنه أحد أمراء العيونيين وهو بعيد ولا دليل عليه ، وإذا كان كذلك فهو أمير ورئيس وليس من عباد الله الصالحين أو العلماء الأعلام ، أما المسجد فهو ليس بالقديم بل الموجود في عالي أقدم منه وأكثر شهرة بل الأقرب أن هذا القبر لا أساس له من الصحة وهناك أدلة ليس هنا محل الحديث عنها ويظهر أنه بني في الثمانينات قام على تشييده احد الأشخاص من قرية بوري لا أدري بحقيقة تتبعه للشخصية والقبر وليس من المتثبتين في ذلك والله العالم بحقيقة الحال ولكن المتعارف عليه عند كل من سبر أغوار كتب التاريخ أن صاحب هذا القبر مجهول الهوية على فرض وجوده . فأما لقب بربغي فقد الصق إليه لكونه وقع في منطقة تعرف بهذا الإسم كما حصل في مسجد الشيخ محمد سبسب فقد غلب إسم المنطقة على إسم صاحب القبر ولعله من المنطقة نفسها وماعهدنا أن لهذه المنطقة أمراء . وذهب البعض لكون صاحب هذا القبر هو والد الشيخ الدمستاني وهو بعيد جداً فوالد الدمستاني مدفون في عالي حويص وقبره بقرب العين بحسب نقل الشيخ عبد الله العرب في حاشية أنوار البدرين . ونقل الشيخ إبراهيم المبارك في كتابه حاضر البحرين وماضيها مانصه [ أمير محمد في طرف عالي من الغرب ، وعليه قبة بنيت في قريب العهد ، ولم نعرف عنه شيئاً ولعل إمارته تلك قيادة جيش كأمير زيد ] ويظهر من عبارته هذه أنه يقصد مسجد أمير محمد الموجود في عالي ولو كان مسجد وقبر أمير محمد بربغي موجودا في زمن شيخ إبراهيم لذكره خصوصاً وأن الشيخ توفي في العام 1979م _ 1399هـ ومعلوم أن مسجد أمير محمد الموجود في عالي بني في السبعينات وربما بني قبل ذلك أيضاً فما سر أن الشيخ إبراهيم المبارك لم يذكره في كتابه ضمن مزارات البحرين . وأما أمير محمد بربغي فقد بني في الثمانينات ولكن بني على أي مستند أو دليل الله العالم . وسألت الحاج سلمان نفسه الذي حاول أن يميز بين ( أمير محمد ) وهو الموجود في بربغي و ( مير محمد ) وهو الموجود في عالي ،فلم أجد جواباً يطمأن له حول التثبت من صحة وجود قبر هنا وكيف كانت معالمه وكيف عرف أن صاحب هذا القبر يحمل هذه التسمية ولماذا خفيت على الشيخ إبراهيم رغم أنه عاش حياته في هذه المنطقة واطلع على خفاياها ، كل هذه القرائن تجعلنا نؤكد أنه لا صحة لهذا القبر ونسبته ولا يفهمني البعض أنني أدعو لإزالته وحجب الناس عن زيارته بل هو مسجد وله أحكام المسجدية وحرمة المسجد إنما الكلام عن القبر وصاحبه فقط ، أما مسألة الكرامات التي يقولها البعض فليست بدليل ولا أمنع الناس من عقيدتهم في هذا المسجد والمزار بل أتكلم بصفة التحقيق لا غير وعلى الناس الحكم بعد كل هذه الأدلة والقرائن .


9- وقفة على نواحي بربغي

ومما سنح بالخاطر من الأبيات الشعرية على أنقاض هذه المنطقة القديم والمندثرة من تاريخ البحرين هذه الأبيات القليلة وهي في إحدى وقفاتي على أطراف بربغي فقلت :

وقفت ببربغي فرأيت أمساً ***يموت النخل منه على التوالي
وفي الأطلال أشباح تراءت *** كأن حقيقةً تبعت خيالي
فأين الماء قد ضمئت حياةٌ *** إليه فهل يفيق من الزوال
وهل عدمٌ جذوع النخل كانت *** وقد ملأت بذكراها أوالي
فسائل أينها جنات أرضي *** تجب عن أنة التاريخ عالي

وكتب بشار عبد الهادي العالي البحراني
في 21 ذي القعدة 1430 هـ

مصادر البحث :
1- مقابلات شخصية مع كبار السن وبعض مؤسسي المساجد
2- ديوان أبي البحر : تحقيق عدنان العوامي ، مؤسسة الإنتشار العربي .
3- الأطلس العربي المصور جيوبر وجكتس دولة البحرين .
4- عقد اللآل في تاريخ أوال
5- ماضي البحرين وحاضرها
6- مجموعة وثائق مصورة عند الباحث
7- المعجم الذهبي ، فارسي / عربي الدكتور محمد التونجي .
8- أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين للنويدري

الأحد، 8 نوفمبر 2009

القصيدة الدرازية

هذه القصيدة تتضمن ذكرياتٍ لي في الدراز عشتها في فترة التسعينات ومابعدها مع الأصدقاء والإخوة الأعزاء من أهالي الدراز الحبيبة وهذه هي :
مررتُ على أرض الدراز فخلتُها *** تنوءُ بتاريخ تكبّدهُ الدهرُ
جسامٌ به الأحداثُ مازال وقعُها*** يدوي بآذانٍ ويطفو به البحرُ
وكم من شهيدٍ لم يزل وقعُ يومه***ينادي على الدنيا بأنّي أنا الحرُ
وإن أنسَ لا أنسى بها رفقةَ الصبا ** وكانت ليالٍ كاد يهتكها الفجرُ
هي الدار أكرم بالأولى في ربوعها*** وما البحرُ إلا في مكامنه الدرُ
وعنا أبو صبحٍ تحدث سامراً*** وثالثنا في تلكم الليلةِ البدرُ
وكم طاب من عذب القصيد ولذّ لي * صباباتُ وجدٍ هام في مثلها الشعرُ
وكم جئتها يوماً فحيّت ووجهُها *** حياءُ مليحاتٍ يجللها الخدرُ
لنا في ذرا (افّيليد) أنسٌ وبهجةٌ ***ونشوةُ قلبٍ لا يعادلها الخمرُ
وفي (الرستة) التذكارُ لا زال باقياً *** إذا طفتُ بالدوّار يحدو بي السرُ
وإن جزت يوماً ساحة ( الميبر) انثنت* بي الذكريات البيض والأدمع الحمرُ
وإن جزت يوماً بالـ( ميافرِ) أعولت ***محاجر همي والدموع بها نهرُ
تضج بي الذكرى فتجري مدامعي*** وعن مثلها والله لا يُحمد الصبرُ
كأني بأطلال الزمان تراكمت***فما موضعٌ إلا ولي عنده قبرُ
فيا ساكنيها طوّح الركب عندكم*** يضيق به بحر ويجفو به قفرُ
وحين يراكم فسحةً من سروره *** يزول به همٌ وينشرحُ الفكرُ
وكم لي على دار السرور مسرةٌ *** تؤم جواداً لاح في وجهه البشرُ
ولي وقفةٌ في ( عين صقروه)أوقفت** عقارب أيامي فحركها السحرُ
وكم جمعة ٍ كانت لنا تجمع الهنا *** وشيخٍ خطيب في الدراز له الأمرُ
تلوح على عينيه غضبةُ حيدرٍ***وفي كفه من قبضة المرتضى جمرُ
عرفناه بالمعروف مازال آمراً *** وعن منكرٍ قد لاح في وجهه النكرُ
تردى رداءاً أبيضاً في صلاته ***وذا قلبه المملوء في حبه الطهرُ
قضينا بأكناف الدراز وكلها*** كما البحر كم مدٌ يعود وكم جزرُ
ومازالت الألطاف تغشى ربوعها*** ومازال غيمُ الحب منه بها قطرُ

تمت في 20 ذي القعدة 1430هـ



السبت، 7 نوفمبر 2009

قصيدة النفس الأخير

هذه القصيدة أسميتها ( النفس الأخير ) أنشأتها يوم وفاة أستاذي المقدس الشيخ احمد بن حاج محمد علي مال الله قدس الله تربته ، وألقيت في تشييعه وكانت وفاته رحمة الله عليه في يوم السبت غرة ربيع الثاني 1427هـ وكان فاضلاً عارفاً مؤمناً تقياً معروفاً بين الناس وهذه هي القصيدة :
في أمانِ الله يا نبضَ الحسيــنْ *** يا قريباً من أمير المؤمنيــــنْ
ما بها البحرينُ تبكي باْفتجــاعْ *** وعلى ماذا يكونُ الإجتمــــاعْ
والمنادي صاحَ بالحزنِ الــوداعْ *** أيها الشيخُ الذي يبكي الحسيــنْ
قبلَ حينِ الفجرِ أزمَعْتَ الرحيــلْ *** ذا مصلاّك افتجاعٌ أمْ عويــــلْ
يا أذانَ الصبحِ والخطبِ الجليــلْ *** أصبحتْ تبكي بحزنٍ كلُ عيـــنْ
يا صباحَ السبتِ ماذا قد جـــرى *** والنواعي صوتُها قــد كبّـــرا
قيلَ مالُ اللهِ قدْ جــدّ السُــرى *** راحلاً للهِ في صــدقِِ اليقيـــنْ
كيف صبري يا أبا عبدالأميـــرْ *** غبْتَ عنّا وإلى الله المصيــــرْ
غابَ وجهٌ مشرقٌ فينا منيــــرْ *** طالما أحيـى ولاءَ الطاهريـــن
عشْـــتَ واللهِ مُحبّاً للبتـــولْ *** تُنشدُ الحزن عليهــا وتقـــولْ
وهي لا تنساكَ في اليومِ المهـولْ *** حبّها دينُك ديـــنٌ أيُ ديـــنْ
أناْ لا أنساكَ تبكــي فاطمـــةْ *** عاشقاً والروحُ تبكــي هائمــةْ
والأكفُّ اليوم تنعــى لاطمــةْ *** حرقة القلبِ وقد زادَ الحنيـــن
أنت تُبكيها صبــاحاً ومســاءْ *** حينما تنعى إمامَ الشهـــــداءْ
وهي ترعاكَ وقد حانَ الوفـــاءْ *** فهنيئاً لك قــربُ الطاهريـــنْ
كم ترنَّمت على مدحِ الهــــداةْ *** وهي نِعمَ الباقياتِ الصالحـــاتْ
لك يا شيخي مع الآلِ الحيـــاةْ *** بالنبي المصطفى الطهرِ الأميـنْ
كيف للناعي من الخطبِ نعــى *** لك مجداً في المعالي أروعــا
برَّد اللهُ إليكَ المضجعــــــا *** بعليٍّ وبنيـــهِ الأكرميـــنْ
غيّب الموتُ زعيمَ المنبـــــرِ *** كان يسقينا الولاءَ الحيـــدري
فاغتدى يُسقى بماءِ الكوثـــرِ *** من عليٍّ بارد العذب المَعيـــنْ
ما حملناكَ على الأكتـــافِ لا *** بل حملنا صرحَ فخــــرٍ وولا
أنصفوني فيه يا هذا المــــلا *** فقدُهُ أوهى القوى يا مؤمنيــنْ
أيُّ نعشٍ سارَ ما بين الصفـوفْ *** أيُّ نعشٍ خلفَهُ تمشي الألــوف
لهف قلبي للذي بين السيوف *** قطعوه فالننادي واحسين
نحن شيعنا محباً خادماً *** لحسين قد اشاد المأتما
لهف قلبي للذي بعد الظمـــى *** ذاق حدَّ الموتِ في البوغى طعينْ
شيَّعتهُ زينبٌ في خدرهـــــا *** وهي تنعاهُ أسىً من صبرهـــا
واليتامى تشتكي في إثرِهــــا *** في مصابٍ هزَّ ركنَ المشرقيــنْ
إنْ أتينا اليوم نبــــكي أحمداً *** فله الزهراءُ في الحشرا غـــدا
والحسينُ السبطُ نبراسُ الهــدى *** لم يضعْ من كان في حب الحسينْ